كتاب الغريبين في القرآن والحديث (اسم الجزء: 2)

ومنه الحديث: (تتركون المدينة على خير ما كانت مذللة لا يغشاها إلا العوافي) أي مذللة قطوفها فلا يغشاها إلا السباع، ويقال: حائط ذليل: أي قصير، ونبت ذليل: أي قريب السمك، وهو كقوله: {قطوفها دانية} كلما أرادوا أن يقطفوا منها شيئًا ذلل لهم فدنا منهم قعودًا كانوا أو مضطجعين.
وفي حديث ابن الزبير (الذل أبقى للأهل والمال) تأويله إن الرجل إذا أصابته خطة ضيم يناله فيها ذل فصبر عليها كان أبقى له ولأهله وماله، فإذا اضطرت فيها طالبًا للعز غرر بنفسه وأهله وماله وربما كان ذلك سببًا لهلاكه، وفيه وجه آخر: وهو الرجل إذا علت همته وسمت إلى طلب المعالي عودي ونوزع فيما يحاوله وقوتل على ذلك فربما يقتل ويستفاء ماله إذا صبر على الذلة واطلع المسلط عليه، حقن دمه وحمى أهله وأحرز ماله، وهذا أيضًا قريب في الأول.
وفي حديث عبد الله: (ما من شيء في كتاب الله إلا وقد جاء على أذلاله) أي على وجهه.
ومنه قول زياد في خطبته: (إذا رأيتموني أنفذ فيكم الأمر فأنفذوه إذلاله) أي على وجهه.
وفي حديث فاطمة: (ما هو إلا أن سمعت قائلًا يقول: مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[245/ ب] فاذلوليت حتى رأيت وجهه) / أي أسرعت يقال: اذلولى الرجل إذا أسرع مخافة أن يفوته شيء.

الصفحة 682