كتاب بحوث في تاريخ السنة المشرفة

خطير لا يمكن إغفاله ويكفي لتصور ذلك قول علي بن المديني: "لو تركت أهل البصرة لحال القدر وتركت أهل الكوفة لذلك الرأي –يعني: التشيع- خربت الكتب"1.
وهكذا عندما تم تدوين الصحاح فإنها حوت مرويات العراقيين وبينهم عدد من الشيعة منهم ممن نقل البخاري عنهم في الصحيح: عبد الرزاق الصنعاني وجرير بن عبد الحميد الضبي وإسماعيل بن أبان وخالد بن مخلد وعلي بن الجعد والفضل بن دكين وعباد بن يعقوب وآخرون غيرهم. وأما مسلم فقد قال أبو عبد الله محمد بن يعقوب: "إن كتاب أستاذي – يعني: مسلم بن الحجاج- ملآن من حديث الشيعة"2.
إن ظهور مرويات العراقيين في كتب الصحاح يدل على نجاح علماء العراق في تنقية السنة وتمييز الصحيح من الموضوع ومعرفة الرجال الثقات من المتهمين.
__________
1 الخطيب: الكفاية/ 129.
2 المصدر السابق: 131.
دور الخوارج في الوضع:
لم يلعب الخوارج دورًا مهمًا في حركة الوضع لاعتقادهم أن مرتكب الكبيرة كافر ولهذا السبب لا يوجد في كتب الموضوعات أدلة على وضع الخوارج للحديث1.
ولم ترد عن أئمة الحديث أقوال تدين الخوارج إلا ما نقل عن ابن لهيعة أنه سمع شيخًا من الخوارج وهو يقول: إن هذه الأحاديث دين فانظروا عمن تأخذون دينكم فإنا كنا إذا هوينا أمرًا صيرناه حديثًا2.
__________
1 السباعي: السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي/ 97.
2 الخطيب: الكفاية/ 123.
ابن الجوزي: مقدمة الأحاديث الموضوعة 1/ 4ب، العسقلاني: لسان الميزان 1/ 10-11.
وقد أورده العسقلاني من حديث عبد الرحمن بن مهدي عن ابن لهيعة فهو من قديم حديثه الصحيح.
أما الخطيب وابن الجوزي فأورداه بطريق آخر من حديث عبد الله بن يزيد المقرئ عن ابن لهيعة.

الصفحة 30