كتاب بحوث في تاريخ السنة المشرفة

وروى أحاديث مناكير فأردت أن أقول له يا كذاب ففرقت من شفار الحذائين -يعني الأساكفة1-.
وهكذا ساعدت جهالة العوام ونزواتهم القصاصين على المضي في طريق الكذب والوضع في الحديث.
__________
1 السيوطي: تحذير الخواص/ 49-50 والخطيب: تاريخ بغداد 7/ 48 لكنه يذكر "أسيد بن زيد".
وضع جهلة الصالحين للحديث:
وشارك بعض الصالحين في وضع الأحاديث لترغيب الناس في عمل الخير وزجرهم عن الشر وهذا من جهلهم وكان يغنيهم عن ذلك ما ورد من الأحاديث الصحيحة في الأخلاق والترغيب في عمل الخير وهي كثيرة تعطي مادة وافرة لمن أراد الوعظ والترغيب والترهيب وقد اشتهر بالوضع غلام خليل الذي كان زاهدا في الحياة حتى أن بغداد أسواقها حين موته1 ومع ذلك فقد وضع كثيرا من الأحاديث في الرقائق وقد سئل عنها فقال معترفا "وضعناها نرقق بها قلوب العامة"2 وقد سأله أبو جعفر بن الشعيري كيف حدث عن بكر بن عيسى وهو قديم الوفاة فبكى ثم أجابه في اليوم التالي أنه سمع بالبصرة ستين رجلا كلهم يسمى بكر بن عيسى! 3. وقد ذكر أبو داؤد السجستاني أن غلام خليل وضع أربعمائة حديث4.
وممن عرف بالوضع من أهل العبادة أبو داؤد النخعي الذي كان أطول الناس قياما بليل وأكثرهم صياما بنهار5 ووهب بن حفص الذي مكث ثلاثا وعشرين سنة لا يكلم أحدا وكان يكذب كذبا فاحشا6.
__________
1، 2 ابن الجوزي: الأحاديث الموضوعة 1/ 4ب.
3 المصدر السابق 1/ 4ب-5اوالخطيب: تاريخ بغداد 5/ 78-79 وهي أوضح.
4 الخطيب: تاريخ بغداد 5/ 79.
5، 6 ابن الجوزي: الأحاديث الموضوعة 1/ 5أ.

الصفحة 39