كتاب بحوث في تاريخ السنة المشرفة

مثل حديث "بابان مفتوحان في الدنيا للجنة عبادان وقزوين"1، فلعله دليل على حسن العلاقة بين سكان المدينتين، وفي كتب الجغرافية والبلدان ككتاب الأعلاق النفيسة لابن رسته والبلدان لابن الفقيه الهمذاني وغيرهما نماذج كثيرة للأحاديث الموضوعة في فضال المدن.
وأما العصبية للجنس فتظهر في بعض الأحاديث الموضوعة مثل "دعوني من السودان إما الأسود لبطنه وفرجه" وقد وضعه يحيى بن أبي سليمان المديني2. وحديث "الزنجي إذا شبع زنى, وإذا جاع سرق، وإن فيهم لسماحة ونجدة" وقد وضعه عنبسة البصري3 ولعل وضع الأحاديث في ذم الزنج يعكس كراهية أهل البصرة لهم.
ومن مظاهر العصبية للجنس وضع حديث "أبغض الكلام إلى الله تعالى بالفارسية وكلام الشيطان الخوزية وكلام أهل النار البخارية، وكلام أهل الجنة العربية" وقد وضعه إسماعيل بن زيادة بن غالب القطان4.
وقد لعبت العصبية لأئمة المذاهب دورا في إنماء الأحاديث الموضوعة، ويظهر ذلك في أحاديث كثيرة منها "سيأتي من بعدي رجل يقال له النعمان بن ثابت، ويكنى أبا حنيفة ليحيين دين الله وسنتي على يديه"5. وقيل للمأمون ألا ترى إلى الشافعي ومن تبعه بخراسان فقال حدثنا أحمد وذكر إسناد حديث "يكون في أمتي رجل يقال له محمد بن إدريس أضر على أمتي من إبليس، ويكون في أمتي رجل يقال له أبو حنيفة هو سراج أمتي"6.
__________
1 ابن عراق: تنزيه الشريعة 2/ 59.
2، 3 ابن عراق: تنزيه الشريعة 2/ 31.
4 السيوطي: اللآلئ المصنوعة 1/ 11.
5 الخطيب: تاريخ بغداد 2/ 289 وابن عراق: تنزيه الشريعة 2/ 30.
6 ابن عراق: تنزيه الشريعة 2/ 30 والخطيب: تاريخ بغداد 5/ 309 لكنه ينقل عن الحافظ أبي عبد الله الحاكم النيسابوري أن المتهم بوضعه هو محمد البورقي.

الصفحة 43