كتاب بحوث في تاريخ السنة المشرفة

ما وصل إلينا كتاب "الطبقات الكبرى"1 لمحمد بن سعد كاتب الواقدي "ت230هـ"، ويقع الكتاب في ثمان مجلدات2، تناول الأول والثاني منهما سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، أما الأجزاء الستة الأخرى فهي التي تعنينا لأنها تناولت طبقات الرجال.
وقد تناول المجلد الثالث تراجم البدريين، وتناول المجلد الرابع تراجم من له إسلام قديم ولم يشهد بدرا وكذلك من أسلم قبل فتح مكة، وتناول المجلد الخامس طبقات التابعين وأتباع التابعين ومن تلاهم مرتبين على المدن، وقد اقتصر فيه على أهل المدينة منهم وأهل مكة والطائف واليمن واليمامة والبحرين من الصحابة والتابعين ومن تلاهم. وتناول المجلد السادس أهل الكوفة من الصحابة والتابعين ومن تلاهم حتى ترجم لمعاصرين له. وتناول المجلد السابع أهل البصرة وواسط والمدائن وبغداد وخراسان والري وهمدان وقم والأنبار والشام والجزيرة والعواصم والثغور ومصر وأيلة وأفريقية والأندلس، ورغم تناوله لهذه المناطق الكثيرة لكنه أولى البصرة العناية الأولى ثم الشام ومصر، أما بقية الأماكن فلا يذكر من أهلها سوى بضعة رجال وقد لا يذكر إلا رجلا واحدا.
أما المجلد الثامن فقد خصصه للنساء الصحابيات فقط.
وقد اهتم ابن سعد بتراجم الصحابة والتابعين والأتباع من المتقدمين، فيطيل الترجمة ذاكرا نسب الشخص ومفصلا في أخباره وأحواله الدالة على مكانته في العلم أو على درجة ورعه وتقواه أو على ميوله وعقيدته مما له أثر في توثيقه وقبول رواياته، على أن ابن سعد أطال تراجم البعض من الصحابة ومن تلاهم كثيرا، فقد أثرت ثقافته الواسعة وإطلاعه على الأخبار في بناء كتابه،
__________
1 يوجد نقص في بعض مواضعه فمثلا لا توجد الطبقة الرابعة والخامسة من التبايعين من أهل المدينة، ولا ذكر للصحابة الذين نزلوا مكة رغم أن ابن سعد أشار إلى أنه ذكرهم، وهناك نقص في بعض التراجم مثل بداية ترجمة عمرو بن العاص. أما معظم الطبقة الثالثة وسائر الرابعة والخامسة ونصف السادسة من التابعين من أهل المدينة فقد حقق ذلك الأٍستاذ زياد منصور وطبعها المجلس العلمي بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة سنة 1983م "1403هـ" وبعض الطبقات الساقطة موجودة في المخطوطات التي وصلت إلينا من الكتاب.
2 الملاحظة تحض طبعة دار صادر التي اعتمدتها في البحث.

الصفحة 78