كتاب بحوث في تاريخ السنة المشرفة

النبي صلى الله عليه وسلم دون توثق وتدقيق فشددوا في قبول الرواية وسألوا عن الرجال. وممن عرف بالكلام في الرجال من الصحابة أيضا عبد الله بن عباس وعبد الله بن سلام وعبادة بن الصامت وأنس بن مالك وعائشة، فقد أعربوا عن تكذيبهم لبعض من حدثهم1 ثم ظهرت حركة الوضع في الحديث فانتبه العلماء إلى ذلك واهتموا بالرجال ومعرفتهم فتكلم عدد من التابعين في الجرح والتعديل مثل الشعبي ومحمد بن سيرين وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير, ولكن لم تنشأ مادة واسعة في علم الرجال يتداولها العلماء والنقاد حتى حدود منتصف القرن الثاني الهجري، حيث لعب شيوع الوضع وكثرة الضعفاء بين رواة الحديث ونقلته دورا في لفت أنظار العلماء إلى الكلام في الرجال2 وقد برز عدد من الأئمة النقاد والمحدثين الكبار بمعرفة أحوال الرجال ونقدهم وأصبحت أحكامهم على الرجال مقبولة عند العلماء المعاصرين والمتأخرين لما تميزوا به من الدقة والورع والتيقظ. وقد عرف بذلك شعبة بن الحجاج ومعمر بن راشد "ت153هـ" وهشام الدستوائي "ت154هـ" وعبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي وسفيان الثوري3 ومالك بن أنس "ت179هـ" وعبد العزيز بن الماجشون "ت164هـ" وحماد بن سلمة "ت167هـ" وحماد بن زيد والليث بن سعد وعبد الله بن المبارك وهشيم بن بشير "ت183هـ" وأبو إسحاق الفزاري والمعافي بن عمران الموصلي "ت184هـ" وبشر بن المفضل "ت187هـ" وسفيان بن عيينة وإسماعيل بن علية وجرير بن وهب ووكيع بن الجراح ويحيى بن سعيد القطان وعبد الرحمن بن مهدي وأبو داؤد الطيالسي "ت203هـ" ومحمد بن يوسف الفريابي "ت212هـ" وأبو عاصم النبيل "ت211هـ" وعبد اله بن الزبير الحميدي "ت219هـ"
__________
1 السخاوي: الإعلان بالتوبيخ، 706. وأحيانا استعملوا عبارة "كذب" بمعنى "أخطأ" وهو المقصود دائما عندها يكون المتهم بذلك صحابيا.
2 المصدر السابق، 707.
3 قال ابن حجر: "وسفيان أحفظ من شعبة ولا سيما في الإسناد فقد قالوا أن شعبة كان إذا غلط ربما غلط في الأسماء خاصة". "الإيثار في معرفة رجال الآثار، ص124" رسالة ماجستير مكتوبة بالآلة الكاتبة.

الصفحة 85