كتاب تاريخ دمشق لابن عساكر (اسم الجزء: 41)

ما لي ولليل البهيم يهيجني * ويشوقني وجه الصباح المسفر عجبا لمعمور الفناء أنيسه * كيف اطمأن به العراء المقفر ولعفر خدك بالتراب وطال ما * عبق العبير به وصال العنبر ماذا (1) على بلد وقبرك جاره * أن لا يمر به السحاب الممطر فلقد (2) تضمن راحة يجري بها * ماء (3) الندى فيفيض منه أبحر أتزورني في النوم زورة عاتب * تبدي إلي من الرضا ما تضمر وجه تريد به القطوب وبشره * يطفو على ماء الحياء فيظهر ويقول لي قولا يطيب بحره * قلبا يكاد من الصبابة يقطر تمضي بباب الدار غير مسلم * فترى بها أثري فلا تستعبر من أين لي من بعد يومك مقلة * تجري عليك دموعها أو تبصر * * كنت السواد لها إذا ما استيقظت * وإذا غفوت بها فأنت المحجر بيني وبين الهم بعدك حرمة * لا تستباح وذمة لا تخفر أرتاح ساحة قبره (4) فأزورها * والهجر من غير الزيارة ينظر لا أسمع الشكوى ولا أجلو القذى * وأراه مهضوما فلا أتذمر بأبي الأعزة أصبحوا وأسيرهم * لا يفتدى وذليلهم لا ينصر عهدي به غرضا (5) بطول مقامه * كيف البراح ومن دمشق المحشر يقف الفتى والحادثات تسوقه * والمرء يقدر والمنايا تسخر فاختط منها منزلا من فوقه * يسفي أعاصير وتمضي أعصر يرتاع آنسه ويرتع حوله * من نافرات الوحش ما لا ينفر لم يخل ظهر الأرض ممن ذكره * من بين أثناء الصحائف يظهر إن سترت تلك المحاسن بالثرى * فمن الحديث محاسن لا تستر أو أسرعت في محوهن يد البلى * فيداك تملي والليالي تسطر
_________
(1) الاصل: " فإذا " والمثبت عن م و " ز " والمختصر
(2) الاصل: " فقد " والمثبت عن م و " ز " والمختصر
(3) ما بين معقوفتين سقط من الاصل واستدركت لتقويم الوزن عن م و " ز "
(4) الاصل وم قبرها والمثبت عن " ز " والمختصر
(5) الغرض: الملول والضجر (راج تاج العروس بتحقيقنا: غرض)

الصفحة 429