كتاب تنوير المقباس من تفسير ابن عباس

{قُلِ} يَا مُحَمَّد لمشركي أهل مَكَّة {ادعوا شُرَكَآءَكُمْ} اسْتَعِينُوا بآلهتكم {ثُمَّ كِيدُونِ} اعْمَلُوا أَنْتُم وهم فِي هلاكي {فَلاَ تُنظِرُونِ} فَلَا تؤجلون
{إِنَّ وَلِيِّيَ الله} حافظي وناصري الله {الَّذِي نَزَّلَ الْكتاب} نزل جِبْرَائِيل عَليّ بِالْكتاب {وَهُوَ يَتَوَلَّى} يحفظ {الصَّالِحين}
{وَالَّذين تَدْعُونَ} تَعْبدُونَ {مِن دُونِهِ} من دون الله من الْأَوْثَان {لاَ يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ} نفعكم وَلَا منعكم {وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ} يمْنَعُونَ مِمَّا يُرَاد بهم
{وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهدى} إِلَى الْحق {لاَ يَسْمَعُواْ} وَلَا يجيبوا لأَنهم أموات غير أَحيَاء {وَتَرَاهُمْ} يَا مُحَمَّد يَعْنِي الْأَصْنَام {يَنظُرُونَ إِلَيْكَ} كَأَنَّهُمْ ينظرُونَ إِلَيْك مفتحة أَعينهم {وَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ} لأَنهم أموات غير أَحيَاء
{خُذِ الْعَفو} خُذ مَا فضل من الْكل والعيال وَهَذَا مَنْسُوخ وَيُقَال خُذ الْعَفو اعْفُ عَمَّن ظلمك وَأعْطِ من حَرمك وصل من قَطعك {وَأْمُرْ بِالْعرْفِ} بِالْمَعْرُوفِ وَالْإِحْسَان {وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلين} عَن أبي جهل وَأَصْحَابه الْمُسْتَهْزِئِينَ ثمَّ نسخ الْأَعْرَاض
{وَإِماَّ يَنَزَغَنَّكَ} يصيبنك {مِنَ الشَّيْطَان نَزْغٌ} وَسْوَسَة وريب {فاستعذ بِاللَّه} فَامْتنعَ بِاللَّه من وسوسته {إِنَّهُ سَمِيعٌ} باستعاذتك {عَلِيمٌ} بوسوسته
{إِنَّ الَّذين اتَّقوا} وَسْوَسَة الشَّيْطَان {إِذَا مَسَّهُمْ} إِذا أَصَابَهُم {طَائِفٌ} ريب ووسوسة {مِّنَ الشَّيْطَان تَذَكَّرُواْ} عرفُوا {فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ} مُنْتَهُونَ عَن الْمعْصِيَة
{وَإِخْوَانُهُمْ} إخْوَان الْمُشْركين يَعْنِي الشَّيَاطِين {يَمُدُّونَهُمْ} يجرونهم ويوسوسونهم {فِي الغي} فِي الْكفْر والضلالة وَالْمَعْصِيَة {ثُمَّ لاَ يُقْصِرُونَ} لَا ينتهون عَن ذَلِك
{وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ} يَعْنِي أهل مَكَّة {بِآيَةٍ} كَمَا طلبُوا {قَالُواْ لَوْلاَ اجتبيتها} هلا تكلفتها من الله وَيُقَال تخلقتها من تِلْقَاء نَفسك {قُلْ} يَا مُحَمَّد لَهُم {إِنَّمَآ أَتَّبِعُ مَا يُوحى إِلَيَّ مِن رَّبِّي} أعمل وَأَقُول بِمَا ينزل عَليّ من رَبِّي {هَذَا} يَعْنِي الْقُرْآن {بَصَآئِرُ} بَيَان {مِن رَّبِّكُمْ} بِالْأَمر وَالنَّهْي {وَهُدًى} من الضَّلَالَة {وَرَحْمَةً} من الْعَذَاب {لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} بِالْقُرْآنِ
{وَإِذا قرئَ الْقُرْآن} فِي الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة {فَاسْتَمعُوا لَهُ} إِلَى قِرَاءَته {وَأَنصِتُواْ} لقرَاءَته {لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} لكَي ترحموا فَلَا تعذبوا
{وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ} اقْرَأ أَنْت يَا مُحَمَّد وَحدك إِن كنت إِمَامًا {تَضَرُّعاً} مستكيناً {وَخِيفَةً} خوفًا {وَدُونَ الْجَهْر مِنَ القَوْل} دون الرّفْع من الْقِرَاءَة والصمت {بِالْغُدُوِّ وَالْآصَال} بكرَة وَعَشِيَّة فِي الصَّلَاة أَي صَلَاة الْغَدَاة وَصَلَاة الْمغرب وَالْعشَاء {وَلاَ تَكُنْ مِّنَ الغافلين} عَن الْقِرَاءَة فِي الصَّلَاة إِذا كنت إِمَامًا أَو وَحدك
{إِنَّ الَّذين عِندَ رَبِّكَ} يَعْنِي الْمَلَائِكَة {لاَ يَسْتَكْبِرُونَ} لايتعظمون {عَنْ عِبَادَتِهِ} عَن طَاعَته وَالْإِقْرَار لَهُ بالعبودية {وَيُسَبِّحُونَهُ} يطيعونه {وَلَهُ يَسْجُدُونَ} يصلونَ وَالله أعلم بِالصَّوَابِ

الصفحة 144