كتاب تنوير المقباس من تفسير ابن عباس

واحفظ قُلُوبهم {فَلاَ يُؤْمِنُواْ} فَلَنْ يُؤمنُوا {حَتَّى يَرَوُاْ الْعَذَاب الْأَلِيم} الْغَرق
{قَالَ} الله لمُوسَى وهرون {قَدْ أُجِيبَتْ دَّعْوَتُكُمَا فاستقيما} على الْإِيمَان وَالطَّاعَة لله وتبليغ الرسَالَة {وَلاَ تَتَّبِعَآنِّ سَبِيلَ} دين {الَّذين لاَ يَعْلَمُونَ} تَوْحِيد الله لَا يصدقونه يَعْنِي فِرْعَوْن وَقَومه
{وَجَاوَزْنَا ببني إِسْرَائِيلَ} عبرنا {الْبَحْر فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ} فَذهب خَلفهم فِرْعَوْن وجموعه {بَغْياً} فِي الْمقَالة {وَعَدْواً} أَرَادوا قَتلهمْ {حَتَّى إِذَآ أَدْرَكَهُ} ألْجمهُ {الْغَرق قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لَا إِلَه إِلَّا الَّذِي آمَنت بِهِ بَنو إِسْرَائِيلَ} مُوسَى وَأَصْحَابه {وَأَنَاْ مِنَ الْمُسلمين} مَعَ الْمُسلمين على دينهم
فَقَالَ لَهُ جِبْرِيل {آلآنَ} أَن تؤمن بعد الْغَرق {وَقَدْ عَصَيْتَ} كفرت بِاللَّه {قَبْلُ} أَي من قبل الْغَرق {وَكُنتَ مِنَ المفسدين} فِي أَرض مصر بِالْقَتْلِ والشرك وَالدُّعَاء إِلَى غير عبَادَة الله
{فاليوم نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ} نلقيك على النجَاة بدرعك {لِتَكُونَ} لكَي تكون {لِمَنْ خَلْفَكَ} من الْكفَّار {آيَةً} عِبْرَة لكَي لَا يقتدوا بمقالتك ويعلموا أَنَّك لست بإله {وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاس} يَعْنِي الْكفَّار {عَنْ آيَاتِنَا} عَن كتَابنَا ورسولنا {لغافلون} لجاحدون
{وَلَقَدْ بَوَّأْنَا} أنزلنَا {بني إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ} أَرضًا كَرِيمَة أردن وفلسطين {وَرَزَقْنَاهُمْ مِّنَ الطَّيِّبَات} الْمَنّ والسلوى والغنائم {فَمَا اخْتلفُوا} الْيَهُود وَالنَّصَارَى فِي مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن {حَتَّى جَآءَهُمُ الْعلم} الْبَيَان مَا فِي كِتَابهمْ فِي مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بنعته وَصفته {إِنَّ رَبَّكَ} يَا مُحَمَّد {يَقْضِي بَيْنَهُمْ} بَين الْيَهُود وَالنَّصَارَى {يَوْمَ الْقِيَامَة فِيمَا كَانُواْ فِيهِ} فِي الدّين {يَخْتَلِفُونَ} يخالفون
{فَإِن كُنتَ} يَا مُحَمَّد {فِي شَكٍّ مِّمَّآ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ} مِمَّا أنزلنَا جِبْرِيل بِهِ يَعْنِي الْقُرْآن {فاسأل الَّذين يقرؤون الْكتاب} يَعْنِي التَّوْرَاة {مِن قَبْلِكَ} عبد الله بن سَلام وَأَصْحَابه فَلم يسْأَل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يكن بذلك شاكاً إِنَّمَا أَرَادَ الله بِمَا قَالَ لِقَوْمِهِ {لَقَدْ جَآءَكَ} يَا مُحَمَّد {الْحق مِن رَّبِّكَ} يَعْنِي جِبْرِيل بِالْقُرْآنِ من رَبك فِيهِ خبر الْأَوَّلين {فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الممترين} الشاكين
{وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الَّذين كَذَّبُواْ بِآيَاتِ الله} كتاب الله وَرَسُوله {فَتَكُونَ مِنَ الخاسرين} من المغبونين بِنَفْسِك
{إِنَّ الَّذين حَقَّتْ} وَجَبت {عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ} بِالْعَذَابِ {لاَ يُؤْمِنُونَ} فِي علم الله
{وَلَوْ جَآءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ} طلبُوا مِنْك فَلَا يُؤمنُوا {حَتَّى يَرَوُاْ الْعَذَاب الْأَلِيم} يَوْم بدر وَيَوْم أحد وَيَوْم الْأَحْزَاب
{فَلَوْلاَ كَانَتْ} هلا كَانَت {قَرْيَةٌ آمَنَتْ} أهل قَرْيَة آمَنت عِنْد نزُول الْعَذَاب {فَنَفَعَهَآ إِيمَانُهَا} يَقُول لم ينفع إِيمَانهم عِنْد نزُول الْعَذَاب {إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ} نفع إِيمَانهم {لَمَّآ آمَنُواْ} حِين آمنُوا {كَشَفْنَا} صرفنَا {عَنْهُمْ عَذَابَ الخزي}

الصفحة 179