كتاب الفواكه العذاب في الرد على من لم يحكم السنة والكتاب

ومما يبين فساد قولكم وخطأ فهمكم في معنى حديث أبي هريرة أن الصحابة -رضي الله عنهم- أجمعوا على قتال مانعي الزكاة بعد مناظرة حصلت بين أبي بكر وعمر -رضي الله عنهما- واستدل عمر على أبي بكر بحديث أبي هريرة فبين صدّيق الأمة -رضي الله عنه- أن الحديث حجة على قتال مانعي الزكاة وهم يشهدون أن لا إله إلاّ الله وأن محمداً رسول الله ويصلون.
ونحن نسوق الحديث ثم نذكر ما قاله (1) العلماء في شرحه (2) ليتبين لكم أن فهمكم الفاسد لم يقل به أحد من العلماء وأنه فهم مشؤم مذموم مخالف للكتاب والسنة وإجماع الأمة فنقول:
ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة قال: لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وكَفَرَ من كفر من العرب قال عمر لأبي بكر: كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلاّ الله. وأن محمداً رسول الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلاّ بحقها". فقال أبو بكر: لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة فإن الزكاة حق المال فوالله لو منعوني عقالاً كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعه. فقال عمر: فوالله ما هو إلا أن رأيت الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق.
وهذا الحديث أخرجه البخاري في كتاب الزكاة ومسلم في كتاب الإيمان. وهو من أعظم الأدلة على فساد قولكم، فإن الصديق -رضي الله عنه- جعل المبيح للقتال مجرد المنع لا جحد الوجوب.
__________
(1) في "ب" "كلام".
(2) في "ب" "عليه".

الصفحة 68