كتاب رفع الإصر عن قضاة مصر

قال: وأخبرني عبد الله بن مالك بن سيف التجيبي قال: كانت عجوز من أهلنا لها مورَث في دارِ فغُصبته. وكان أبي، وابن عبد الحكم يشهدان لها فشهد لها أبي عند الحارث، وأقامت المرأة تختلف زمناً إلى الحارث تسأله أن يحضر ابن عبد الحكم ليشهد لها، والحارث ممتنع. فلما ظهر له أنها مظلومة، قوَّم الحِصَّة فدفع إليها الثمن ولم يأذن بحضور ابن عبد الحكم للشهادة ويقال إنه ألقيت في مجلسه رقعة فقرأها فإذا فيها (ميزان خزائني، وكفتاه ناقصة! (فاستبدل بكتابه وأعوانه بعد قراءتها.
وقال يحيى بن عثمان رفع إلى الحارث وصية فقال: لا أجيزها. فقد صح عندي أن الذي صدرت له الوصية كان يأتي محمد بن أبي الليث، وأخرج الوصية من يده.
قال: وشهد رجل عند الحارث فسأله عن اسمه فقال: جبريل فقلا: ضاقت الأسماء وتسميتَ باسم الملائكة؟ فقال له: وأنت ضاقت عليك الأسماء حتى تسميتَ باسم الشياطين! وقيل إنه قال له: فلم سمى مالك بن أنس مع قول الله تعالى: (وَنَادَوْا يَا مَلِكُ) !.
وشهد عنده شاهد أن ابن أبي الليث أشهده، فقال: تذكر ابن أبي الليث في مجلسي؟ لا تعد إليَّ في شهادة.
وقيل إنه قال لسهل بن سلمة قد عُدّلت عندي، ولكني لا أقبل شهادتك، لأنك علمت لابن أبي الليث.
قال أبو عمر: خوصم إلى الحارث في دار من دور السيدة أم الخليفة، فحكم على وكيلها، فأخرج الدار من يده ودفعها للخصم، فكتب بذلك الوكيل إلى العراق، فجاء كتاب الفضل بن مروان إلى أمير مصر ينكر على الحارث ذلك ويقول في كتابه: إن الحارث لم يزل معروفاً بالانحراف عن السلطان، والمباعدة لأسبابه فتكلمه أن مقام وكلاء جهة أمير المؤمنين في ضياعها ودورها ومستغلاتها بمصر، مقام من يحوطها ويأمر برد الدار التي كانت في أيديهم
لهم كما كانت قبل حكمه فيها، وترك النظر في شيء مما في أيدي وكلائها بما يوهن أمرهم،

الصفحة 121