كتاب رفع الإصر عن قضاة مصر

وتُؤْمَر بالتقدم إلى الحارث، بعدم التعرض إلى النظر في شيء يتعلق بأمير المؤمنين، وبمنعه من ذلك إن حاوله.
وكتب في ربيع الآخر سنة أربعين ومائتين.
ولم يزل الحارث على طريقته حتى حكم في دار الفيل وهي دار أبي عثيم مولى مَسْلَمة بن مُخلَّد وكان تحبيسها في سنة ثلاث وتسعين. وأصل ذلك أن جماعة من قضاة مصر، منهم توبة، والفضل بن فضالة، والعمري، وهارون الزهري أخرجوا وتاجا مولى أبي عثميم من الحبُس لأن صاحب الحُبس لم يسمه في كتاب تحبيسه. ثم آل الاستحقاق إلى محمد بن ناصح مولى أبي عثيم، وإلى عزة
بنت عمرو بن رافع مولى ابن عثمي، فتوفيت عزة وتركت ولدها إبراهيم بن عبد الصمد المعروف بابن السائح، فخاصمهم فيها، فأخرجهم الزهري وحكم بإخراج بني البنات من العقب.
فلما ولي محمد بن أبي الليث فسخ حكم الزهري، ودفع نصيبها إلى بني السائح. فلما ولي الحارث بن مسكين فسخ حكم ابن أبي الليث. وأخرج بني السائح فخرج إسحاق بن إبراهيم بن عبد الصمد ابن السائح، إلى العراق فتظلم من الحارث ورفع قصته إلى المتوكل، فأمر بإحضار الفقهاء فحضروا. واتفقوا على تخطئة الحارث في الحكم المذكور، وتناولوه بألسنتهم.
وكان الفقهاء الذين نظروا في قضية الحارث على رأي الكوفيين، وحكم الحارث إنما هو على رأي المدنيين، وبلغ ذلك الحارث ما جرى هناك من ذكره، فخشي من العزل، فبادر بكتاب إلى العراق يستعفي، فصادف وصول كتابه عقب أمر المتوكل بعزله. فكتب إليه جعفر بن عبد الواحد الهاشمي قاضي العراق: إن كتابك وصل باستعفائكم فأنهيت كتابك إلى أمير المؤمنين، وإنك تستعفي مما تقلدته من القضاء، فأمر - أيده الله - بإجابتك إلى ذلك وإعفائك إسعافاً لك فيما سألت، وتفضلاً بما أدى إلى موافقة فراقك في العمل بحسب ذلك موفقاً.

الصفحة 122