كتاب رفع الإصر عن قضاة مصر
وكتب المتوكل إلى أمير مصر يزيد بن عبد الله بن الأغلب بالنظر في قضية ابن السائح. فجمع أهل البلد من الفقهاء والشيوخ. وكان ورود الكتاب عليه بالصرف في يوم الجمعة لسبع بقيم من شهر ربيع الآخر سنة خمس وأربعين ومائتين.
وكتب المتوكل إلى دُحَيم وهو عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي، وهو يومئذ بفلسطين بتوليه القضاء بمصر. فشرع في التجهيز إليها. فمات قبل أن يخرج من فلسطين في شهر رمضان. فبقيت مصر بغير قاض إلى أن قدم بكار بن قتيبة في يوم الجمعة لثمان خلون من جمادى الآخرة سنة ست وأربعين. فكانت هذه القضية أول الأسباب في عزل الحارث عن قضاء مصر. ثم وقعت قضية ابن السائح التي ذكرت، وكان قد بالغ في الحط عليه، وأنه يحكم بالهوى، ويعطل حقوق الناس، بترك قبول شهادة من يشهد لهم من العدول، بغير قادح فيهم، إلا من جهة هواه.
ورفع عليه أن شاهدا شهد عنده فذكر ابن أبي الليث، فقال: تذكر ابن أبي الليث في مجلسي! فرد شهادته.
وشهد عنده سهل بن سلمة الأسواني فقال: قد عُدّلت عندي ولكن لا أقبل شهادتك لأنك عملت لابن أبي الليث. وأن سليمان بن أبي نصر كَانَ قد أثبت وصية إليه، فمنعه، وقال: لا أجيز وصيتك، لأنك كنت تأتي ابن أبي الليث، وأخرج الوصية من يده.
وقال أبو عمر: حكم الحارث في دار الفيل دار أبي عُثيم مولى مسلّمة بن مُخلَّد وكان أبو عُثيم حبس هذه الدار على مواليه الذين بفسطاط مصر، وسماهم فِي كتاب تحبيسه، وهم كعب بن سليمان وناصح وبسار ورافع وأولادهم وأولاد أولادهم ما تناسلوا، ذكرهم وأنثاهم سواء. فإذا انقرضوا رجعت إلى جزأين الأول الفقراء والمساكين، والآخر من يسكن مصر من بين ساعدة. وتَلِيَّتُه من آل أبي دجانة، وهم عصبة موالي مسلمة من المطوعة، ومن أهل الديوان ممن لم يبلغ عطاؤه مائتين، فمن بلغها فلا حق له، فإن لم يكن بمصر أحد منهم فهو للفقراء والمساكين أيضاً.
الصفحة 123
550