كتاب رفع الإصر عن قضاة مصر
وتاريخ هذا المحبس سنة ثلاث وتسعين. فاتفق أن قدم مولى لأبي عثيم من إفريقية اسمه وتاج لم يكن ممنسمي في هذا المحبس، فادعى أن له حقاً مثل ما لكل من موالي أبي عثيم. وذلك في ولاية توبة بن نمر. فلم يقبل منه ذلك وأخرجه من ذلك، وقضى بالاستحقاق للموجودين غيره من أولاد من سمي وذلك في سنة سبع عشرة. تأخر من ذرية المسلمين محمد بن ناصح وعزة بنت عمرو بن رافع فماتت عزة وتركت ولدها إبراهيم بن عبد الصمد بن السائج، فالتمس من المفضل بن فضالة أن يقضي له بنصيب أمه فامتنع، وسلم الحبُس كله لمحمد بن
ناصح. ثم عاد ابن السائح فتخاصم إلى عبد الرحمن العُمَري، فأخرج محمد بن ناصح قضيّة المفضل فأمضاها العُمَري. ثم تخاصما إلى ابراهيم بن الجراح، فقضى لابن السائح بالنصف. ثم مات إبراهيم بن السائح ومحمد ابن ناصح، فتخاصم إسحاق بن إبراهيم بن السائح وعبيد الله بن محمد بن ناصح إلى هارون الزهري، فقضى أن لا حق لإسحاق على وفق ما قضى به المفضل.
ثم تخاصما إلى محمد بن أبي الليث فقضى لابن السائح بالنصف على وفق ما قضى ابن الجراح. ثم ترافع عبيد الله بن محمد بن ناصح وأحمد بن إبراهيم بن السائح إلى الحارث بن مسكين فأخرج النصف من يد ابن السائج على وفق ما قضى به هارون وأخرج عيال أحمد وإسحاق وأخيه من الدار، وسكنها كلها لعبيد الله بن محمد بن ناصح وكان إسحاق غائباً، فقدم إسحاق فكلم الحارث وأخرج له حكم ابن الجراح فامتنع عليه وأصر على أن الاستحقاق لعبيد الله وحده. فلما طال عليه الأمر خرج إلى العراق فتظلم إلى المتوكل. فأمر بإحضار الفقهاء فنظروا في حكم الحارث، فخطأوه وكانوا على مذهب أهل الكوفة. فأمر المتوكلُ القاضي جعفر بن عبد الواحد وهو يومئذ قاضي القضاة أن يصرف الحارث عما يتولاه من القضاء بمصر. فكتب جعفر بذلك وعزل الحارث وقرر عوضه دحيم، انتهى.
وكانت مدة ولايته اثنتي عشرة سنة إلا شهراً. وعاش بعدها إلى سنة خمسين. وصلى عليه الأمير يزيد وكبَّر عليه خمساً، قاله ابن يونس.
وكان مولده سنة أربع وقيل سنة خمس وخمسين ومائة فعاش خمساً وتسعين سنة وزيادة.
الصفحة 124
550