كتاب رفع الإصر عن قضاة مصر
الحسن بن أحمد بن أنو شروان الرازي ثم الرومي الحنفي، أبو الفضائل حسام الدين ابن تاج الدين.
ولد فِي المحرم سنة إحدى وثلاثين وستمائة باقصرا من بلاد الروم. واشتغل بالفقه ومهر. وأول ما ولي قضاء ملطية. ثم ورد دمشق فولى القضاء بها نحوا من عشرين سنة بل تزيد. ثم نقل إلى قضاء الديار المصرية في صفر سنة ست وتسعين وستمائة، بعناية المنصور لاجين، لأنه كان يصحبه لما كان نائب دمشق، فاختص به كثيراً. فلما ولي السلطنة استقدمه وولاه القضاء فلم يزل إلى أن قتل لاجين.
واتفق أنه قتل وهو عنده، وكان السلطان لما هجوا عليه قاعداً يلعب الشطرنج مع أبي العسال المقري. فدخل عليه كرجي فذكر له شيئاً كان أمره أن يعمله، فشكره والتفت كرجي يصلح الشمعة، فألقى على نِمْجَا السطلان قباءه وقال: ما تصلى؟ فقال السلطان: نعم. وقام فضربه بالسيف على كتفه، والتمس النِّمْجَا فلم يجدها، وقام مذعوراً، فقبض على كرجي فرماه تحته فأدركه رفيقه. فأخذ النمجاة فضرب بها رجل
السلطان فانقلب. فصاح القاضي حسام الدين: هذا ما يحل. فتشاغلوا عنه حتى فرغوا من قتل السلطان.
فلما تحقق القاضي قتله خاف منهم على نفسه، فاختفى، فأغلقوا الباب على السلطان والقاضي من داخل الدار قد اختبأ. فلما أخرجوا السلطان ليدفنوه، ذهب القاضي إلى منزله.
فلما تسلطن الناصر وذلك في شهر ربيع الآخر، صرف القاضي عن القضاء فرجع إلى دمشق، فاستقر في وظيفته، وصرف ابنه فلم يزل حتى كانت وقعة التتر فعدم فيها كما سيأتي.
وكان إماماً علامة، كثير الفضل والإفضال، كثير التودّد إلى الناس، أثنى
الصفحة 125
550