كتاب رفع الإصر عن قضاة مصر
عليه الشهاب ابن فضل الله، وصلاح الدين الصَّفدي، وقال في ترجمته: كان جم الفضائل، عرياً من الرذائل. كثير المكارم، عفيفاً عن المحارم. ظاهر الرياسة، حريا بالسياسة، خليقاً بالنفاسة. يتقرب إلى الناس بالود، ويتجنب الخصماء اللدّ. فيه مروءة وحشمة، وبينه وبين المفاخر قرابة ولحمة. وله نظم وأدب، ورغبة في إذاعة الخير، واجتهاد وطلب، وانتهى.
وكان الحسام ممن قام في الإنكار في قصة الكاتب النصراني، كاتب عساف أمير العرب. وكان ينقل عنه أنه وقع في حق النبي صلى الله عليه وسلم. فقام في إمرة تقي الدين ابن تيمية، وزين الدين الفارقي. وعقد بسبب ذلك مجالس. وتعصب
الشمس الأعشر شاد الدواوين للنصراني، فما وسع النصراني لما خشي على نفسه إلا أنه أسلم فأطلق، فقال القاضي حسام الدين في ذلك:
إلام فتور العزم يا آل أحمد ... بإبقاء كلبٍ سبًّ دين محمدِ
وكان إذا ما أذَّن القوم سبَّه ... وكان بذكر القبح فيه بمرصدِ
يا سلامة لا يُدرأ الحد بعد ما ... تكرر منه الشر من كل موردِ
على مثله أهل المذاهب أجمعوا ... فكن ممضياً في نحره بمهنّدِ
فأنتم ليوث الحرب في كل مَعْرَكٍ ... وأنتم سهام العزو في كل مشهدِ
وهي طويلة، وهذا عنوان نظمه.
وكان قد سمع من الفخر ابن البخاري مشيخته، وحدث بها عنه. سمع عليه البرازالي وابن سامة وغيرهما. وكان قد عدم في وقعة وادي الخازندار في سنة تسع وتسعين وستمائة.
وذكر الذهبي، أنه شاع عن المنهزمين أنه كان من جملتهم، وأنهم وصلوا إلى ناحية جبل الخازندار فيقال أنهم أسروه، وباعوه للفرنج فعرفوه، وكانوا يعرفون أنه من أهل العلم بالطب، فأخذوه إلى بلادهم، فصار يلاطفهم بطبه. ثم في سنة خمس وثلاثين بدمشق، أخ خبره وصل إلى ولده جلال الدين، فاقم يسأل في السعي في فكاكه من الأسر. فكشف عن حقيقة ذلك. فظهر أن لا أصل له وغلب على الظن أنه مات بعد أسره بقليل. ويقال: إنه حصل له بعد أن استقر بقبرص إرسال، ودام به حتى مات، وابنه:
الصفحة 126
550