كتاب رفع الإصر عن قضاة مصر
جلال الدين أحمد، ولي قضاء الشام لما تحلو أبه إلى مصر في صفر سنة ست وتسعين وستمائة، وقد أثنى عليه غير واحد. وقال الشهاب ابن فضل الله: كان حسن المعاشرة، كثير الإفضال، طيب الأخلاق. درس بدمشق مدة حتى صار غالب علماء مذهبه من المتفقهة عنده، وغالب من أفتى منهم ودرس كان بإذنه. وحكى عنه أنه قال: سفرني أبي إلى الشرق لإحضار أهله إلى الشام، فألجأنا المطر حتى نمنا في مغارة. فبينا أنا نائم إذا بشيء يوقظني، فانتبهت. فإذا امرأة لها عين واحدة مشقوقة فارتعت. فقالت: لا تخفي إني رغب أن أزوجك ابنة لي كالقمر فقلت على خيرة الله. ثم نظرت فإذا رجال في هيئة قاض وشهود، وكلهم بصفة المرأة فخطب أحدهم وعقد. فقبلت ونهضوا، وعادت المرأة ومعها جارية حسناء فتركتها عندي وانصرفت. فارتعت وخفت خوفاً شديداً، ولم أقرب تلك المرأة ورحلنا وهي معنا. فلما كان في اليوم الرابع، حضرت تلك المرأة ورحلنا وهي معنا. فلما كان في اليوم الرابع، حضرت تلك المرأة فقالت: كأن هذه الشابة ما أجبتك! فقلت: نعم. فقالت: فناولينها ففعلت، وأخذتها وانصرفت فلم أرها بعد ذلك.
وكان مولده سنة إحدى وخمسين، وقدم مع أبيه دمشق، وسمع من الفخر ابن البخاري وغيره. ثم ولي قضاءها مدة. ثم عاد أبوه إلى قضائها كما تقدم. ودخل مصر لما كان أبوه قاضيها ودرس بعد أبيه بعدة مدارس بدمشق. قال الشيخ تقي الدين ابن رافع: كان كريم النفس، كثير الصدقة، عمر طويلاً حتى قارب المائة، ومات في التاسع عشر من رجب سنة خمس وأربعين وسبعمائة.
الحسن بن عبد الرحمن بن إسحاق بن محمد بن معمر بن حبيب بن المنهال السَّدُوسِي أبو محمد الجوهري، مالكي المذهب من المائة الرابعة. كان أبوه من كبار أصحاب أبي عبيد القاسم بن سلام. ولد هو سنة أربع وثمانين ومائتين. واشتغل وصار من عدول القاضي أبي عثمان أحمد بن إبراهيم بن حماد. وناب في الحكم عن أبي الذكر المالكي، وسيأتي ذكر والده عبد الرحمن ابن إسحاق، وأنه ولي القضاء بمصر نيابة عن قاضي بغداد هارون بن إبراهيم بن حماد المالكي.
قال أبو محمد بن زولاق: كانت ولايته قضاء مصر نيابة عن الحسين بن
الصفحة 127
550