كتاب رفع الإصر عن قضاة مصر

حيُّون، بمهملة وياء آخر الحروف ثقيلة مضمومة وآخره نون، المغربي الإسماعيلي، من المائة الرابعة. ولد لليلتين بقيتا من ذي الحجة سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة بالمهدية، وقدم مع أبيه القاهرة وهو صغير، فحفظ كتاباً في الفقه ومهر إلى أن صار من أئمة السبعة. واستخلفه عمه محمد بن النعمان بالجامع في الحكم. ثم صرفه بابنه عبد العزيز بن محمد. فلما مات محمد بن النعمان، أقامت مصر بغير قاض تسعة عشر يوماً، فاستدعاه برجوان بأمر الحاكم، فولاه القضاء، وولي المظالم ابن عمه عبد العزيز بن محمد بن النعمان، وذلك في آخر صفر، أو أول شهر ربيع الأول سنة تسع وثمانين وثلاثمائة. وحرره المسبّحي في الثالث والعشرين من صفر. قال: فقلده سيفا وخلع عليه ثياباً بيضاء مقطوعة، ورداه برداء وعمّمه بعمامة مذهبين، وحمله على بغلة. وقاد بين يديه بغلتين، وحمل معه ثياباً صحيحة كثيرة. وقرئ عهده بولاية
القضاء بالقاهرة ومصر والإسكندرية والشام والحرمين والمغرب وأعمال ذلك، وهو قائم على قدميه. وأضيفت إليه الصلاة والحسبة فركب إلى الجامع، ووقف عن قوبل جماعة من شهود عمه، وعدتهم أربعة عشر نفساً، والمسبحي أسماهم، ثم قبلهم بعد مدة شهرة. واستخلف على الحكم الحسين بن محمد بن طاهر بمصر، وبالقاهرة مالك ابن سعيد الفارقي. وأقام النعمان أخاه في النظر في المعيار، فأضاف إليه قضاء الإسكندرية. وعلى الفروض أحمد بن محمد بن أبي العوام، وألزم من ينظر في مال الأيتام بعمل الحسبانات.
فبينما هو في ثامن صفر سنة إحدى وتسعين، جالس في الجامع بمصر، يقرأ عليه الفقه، أقيمت الصلاة، صلاة العصر، فدخل فيها، إذا هجم عليه مغربي أندلسي فضربه ضربتين بمنجل فغاص في وجهه ورأسه. فأمسك الرجل فقتل، وصلب، وصار من ذلك اليوم يحرسه عشرون رجلاً بالسلام.
وذكر المسبحي في تاريخه ذلك، في حوادث سنة ثلاث وتسعين في ثاني المحرم. وأقام القاضي إلى أن اندمل جرحه، فركب إلى الحاكم، فخلع عليه وحمله على بغلة، وقاد بين يديه أخرى. وأن الحسين هذا جُرح وهو راكع في صلاة العصر. وكان إذا صلى يُصَفّ خلفه الحرس بالسيوف، حتى يفرغ فيصلون هو حينئذ.
قال المسبحي: وهو أول قاض فعل معه ذلك. وكان الحاكم قد أمر أن يضعَّف

الصفحة 140