كتاب رفع الإصر عن قضاة مصر

فلتكشفن لما أتي ... ت صدور قوم عن مَسَاتِك
وكأنني بَمنِيَّة تَسْ ... عَى إليك بِكف فَاتِكْ
لا تعجلَن أبا النَّدَى ... حتى تصير إلى وفاتكْ
لو قد ملكتُ لسان أَكْثَم ... ما وصلتُ إلى صفاتكْ
قال: وكان أهل مصر يكنونه أبا الندى، يشبهونه بأبي الندى مولى البلويين وكان مشهوراً في اللصوص. وذكر قصة مراد ويحصب في الرهان، وأن فرس مُراد جاءَ سابقاً، فَعَمدَ بعض يحصب فضرب وجهه حتى سبقه فَرَس يحصب، فوقع بينهم القتال بسبب ذلك، فركب أمير مصر حتى حجز بينهم وأرسلهم إلى القاضي فأتته يحصب بأموال عظيمة فقضى لهم بالفرس.
فلما صرف وولي البكري نقض حكمه، وقال: لا يجوز الرهان إلا بمحلل القاضي، ولم يكن بين الفريقين محلل فلم يصح الرهان ورد الفَرس لمراد.
وقال يحيى بن عثمان بن صالح: حدثني أحمد بن أحمد بن عبد المؤمن العدوي قال: كان العمري اشترى من أموال الأيتام ضياعاً ورباعاً وسلّمها إلى يحيى بن بكير، فكان ينفق على الأيتام. فلما بلغوا طالَبوه بأموالهم، ورفعوه إلى العُمري، فقال: أنتم استهلكتم أموالكم. فلما قَدِم البكري خاصَموا يحيى، فكان البكري يربطه إلى سارية ويحله في كل وقت صلاة، فلم يثبت في جهته شيء.
وكان العمري أول من اتخذ لأموال الأيتام تابوتاً توضع فيه، ويوضع فيه مال مَن لا وارِثَ له. فكان هو مودع قضاة مصر.
ورفع جاعل أهل مصر إلى الرشيد ما يقع من العمري من الأحكام والارتشاء عليها، فقال: انظروا إلى الديوان كم ولي والٍ من آل عمر؟ فلم يوجد غيره، فقال: انصرفوا فإني لا أعزله.
فلما مات الرشيد واستخلف الأمين، أشار الفضلُ بن الربيع بعزله، لما كان يسمع من سيرته، فقدم بعزله رجل من فهم، ففرح المصريون وأكرموا الفهمي

الصفحة 220