فقال بعض المصريين.
بنعمة الله وَرَأي الفَضْل ... نُحِّي عن الحكم عَدُوُّ العدلِ
وكانت مدة ولايته القضاء تسع سنين وشهرين. وصرف في جمادى الأولى سنة أربع وتسعين.
وقال ابن يونس: ولي من قبل الرشيد سنة خمس وثمانين، وعزل من قبل الأمين سنة خمس وتسعين. ووهم في ذلك.
وذكر صاحب المدارك في معرفة أصحاب مالك، في ترجمة سعيد بن هشام ابن صالح المخزومي المصري، نزيل الفيوم، عن الحارث بن مسكين قال: قدم مصر القاضي العمري، وكان شعلة نار. وكان يجلس للناس من الغداة إلى الليل، وكان حسن الطريقة، مستقيم الأمر. وكان ابن وهب وأشهب وغيرهما يحضرون مجلسه. وكان يقول لهم: أعينوني ودلوني على أقوام من أهل البلد أستعين بهم. قال: وكتب إلي أن أَخْلُفَه بالفيوم. وكتب إليّ أصحابنا يشيرون عليّ بذلك. قال: وكتب إلي، يعني آخرون بخلاف ذلك، فأشكل عَلَي الأمر. ولم أدرِ
ما أصنع، فسمعتُ قائلاً يقول وأنا لا أراه: (وَلاَ تَرْكَنُوا إلى الذيَنَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ) فقلت: لقد بينّ لي ووعظت، وعزمت على أن لا أدخل في شيء فكتبت إلى أصحابي، إن تركتموني وإلا تحولت.
ولما ولي البكري بعده، رفع أهل مصر إليه، أن العمري حصّل مائة ألف دينار، فوكل بالعمري فهرب، وتتبع البكري أحكام العمري ينقضها، وأسقط كل من شهد في سجل أهل الحرس.
وقال أبو عمر: حدثني أبو سَلمة، حدثني أبي عن أبيه قال: أتيتُ العمري بعد قيامه من مجلس الحكم فاستأذنتُ فأذِن لي، فدخلتُ وهو مضطجع وقد تَرَجّل، وصفر يديه وكحّل عينيه، واتشح بإِزار مُعَصْفَر وادهن وهو يضرب بأصابع يديه بعضها على بعض ويقول: