وعرض له بعد ذلك مرض طال به، فصرف قبل أن يموت بقليل في شهر رجب، ومات ثامن شوال سنة خمس وثلاثين وثمانمائة.
عبد الرحمن بن عمر بن رسلان بن نصير بن صالح بن عبد الخالق ابن عبد الحق بن شهاب البلقيني، القضاي جلال الدين، أبو الفضل ابن شيخ الإسلام سراج الدين، الشافعي من المائة التاسعة.
ولد في شهر رمضان سنة ثلاث وستين وسبعمائة، وأمه بنت القاضي بهاء الدين ابن عقيل. ونشأ مترفهاً متعززاً، لكنه كان مفرط الذكاء، فحفظ القرآن وصلى به التراويح وهو صغير. ثم حفظ عدة كتب، ومهر في مدة يسيرة.
ولما مات أخوه بدر الدين قرر في وظيفته في قضاء العسكر. ثم باشر وظيفته توقيع الدست في ديوان الإنشاء. ثم سافر مع والده في الركاب السلطاني إلى حلب، فرجع في بأوٍ زائد وصحبته ثلاثة مماليك مردان، فصار يركب بهم للدروس وغيرها. ودعي بقاضي القضاة، لكونه قاضي العسكر، فصار يمقت مَن يخاطبه بغيرها. ووالده في كل ذلك ينوّه به في المجالس، ويستحسن جميع ما يرد منه، ويحرض الطلبة على الاشتغال عليه، إلى أن شَغَر المنصب عن المناوي، ووثب عليه الصالحي، فندم هو على التقصير في ذلك. وسعى إلى أن صرف الصالحي بعد أشهر. واستقر هو، وذلك في رابع جمادى الأولى سنة أربع وثمانمائة، وكان ذلك بعناية سودون طاز وهو يومئذ قد استقر أمير آخور الكبير، وسكن الإصطبل السطاني، ولم يشعر بذل جَكَم الدويدار الكبير، فتغيظ وامتنع من الركوب معه إلى الصالحية على العادة. فأراد أن يتلافاه فركب هو ووالده شيخنا سراج الدين، إلى دار جكم، فواجَهه بالإنكار عليه في بذل المال ليلى القضاء. فعرفه الشيخ أن هذا يجوز لكونه تعينَّ عليه. ثم عزل، وأعيد الصالحي في ثالث عشرين
شوال سنة خمس وثمانمائة، وإلى أن مات عن قرب في المحرم سنة ست. واستقر الإخنائي بعد أن كان المنصب استقر طلال الدين وهُنِّئ به. وبات على أن يطلب ليلبس، فأبطأ القاصد وعنده جمع جَمّ، تهيأوا للركوب معه. فما