كتاب رفع الإصر عن قضاة مصر

ودرس في التفسير بعده بالبرقوقية، وكذا درس في التفسير بالجامع الطولوني بعده، وصار يعمل المواعيد بعده بمدرسته، ويقرأ عليه في تفسير البغوي. وكان يكتب على كل ذلك دروساً مفيدة، ويبحث في فنون التفسير في كلام أبي حيان والزَّمَخْشَري ويبدي في كل فن منه ما يدهش الحاضرين.
ولما صار يحضر لسماع البخاري في القلعة، أدمن مطالعة شرح شيخنا سراج الدين ابن الملقن، وأحبَّ الاطلاع على معرفة أسماء من أبهم في الجامع الصحيح من الرواة، ومن جرى ذكره في الصحيح. فحصل من ذلك شيئاً كثيراً بإدمان المطالعة والمراجعة وخصوصاً أوقات اجتماعي ومذاكراتي له. فجمع كتاب الإفهام بما في البخاري
من الإبهام، وذكر فيه فضلاً يختص بما استفاده من مطالعته، زائداً عما استفاده من الكتب المصنَّفة في المبهمات والشروح، فكان عدداً كثيرا. وكان يتأسف على ما فاته من الاشتغال في الحديث، ويرغب في الازدياد منه، حتى كتب بخطه فصلاً من القصد المتعلق بالعلل من فتح الباري، وقابله معي بقراءته لإعجابه به.
ذكره الشيخ تقي الدين المقريزي في التراجم المفيدة فلم يبسط ترجمته كما بسط ترجمة غيره، وإنما اقتصر على ما يتعلق بولاياته مع إجحاف كثير. ثم قال: وكان ذكياً قوي الحافظة، وقد اشتهر اسمه وطار ذكره بعد موت أبيه وانتهت إليه رياسة الفتوى، ولم يخلف بعده مثله في الاستحضار، وسرعة الكتابة الكثيرة على الفتاوي، والعفة في قضائه.
وذكر صاحبنا الحافظ شمس الدين الدمشقي المعروف بابن ناصر الدين في ذيل طبقات الحفاظ فقال..
وذكره صاحبنا القاضي تقي الدين ابن قاضي شهبة، عالم الإسلام بالشام في تاريخه الذي ذيله على البرزالي فقال..
وذكره القاضي علاء الدين ابن خطيب الناصرية في ذيل تاريخ حلب فقال: نشأ في الاشتغال بالعلم وأخذ عن والده ودأب وحصل حتى صار فقيهاً عالماً، ودرس بجامع حلب لما قدم صحبة السلطان..
ولما صرف عن القضاء بالقاضي شمس الدين الهروي تألم لذلك كثيراً واشتد

الصفحة 228