وصنّف حواشي (الوسيط) وهي مفيدة. وَلَهُ كلام فِي مسألة الدَّور. وقصته مع نائبه فِي الحكم الشيخ عبد الرحمن النويري مشهورة. وهو أنه كَانَ استنابه فصار يحكم بعلمه ويحيل عَلَى المكاشفة. فبلَغه ذَلِكَ فنهاه، فلم يرجعْ فعزله. فبلغ ذَلِكَ النُّوَيْرِي فقال: وأنا عزلتُه وعزلت ذريته. ويقال إن سبب عزلِهِ نفْسَه، أنه طلب منه اقتراض أموال اليتامى. فامتنع وقيل غير ذَلِكَ.
وقال الشيخ ظهير الدين التَّزْمَنْتي: زرتُ القاضي عماد الدين ابن السكري بعد موته، فوجدتُ فقيراً عند القبر فقال: تعال يَا فقيه. فجئته فقال: يحشر العلماء وَعَلَى رأس كل واحد منهم لواء، وهذا القاضي منهم. قال: والتفتُّ فطلبت الفقير فَلَمْ أره. حكاه جعفر الأَدْفُوي فِي (البَدْر السَّافِر) .
وَكَانَتْ قصة ابن السكري فِي عزل نفسه فِي ثامن عشر المحرم سنة ثلاث عشرة. وأذن السلطان للنواب أن يستمروا عَلَى عادتهم فِي الحكم، إِلَى أن يوافق القاضي
ويقبل إِلَى مستهل صفر. فاستقر ابن عين الدولة، وتأخرت وفاة ابن السكري إِلَى شوال سنة أربع وعشرين وستمائة، وَلَهُ إحدى وسبعون سنة.
وذكر ابن أبي المنصور فِي رسالته المشهورة بأحوال من رآهم من الأولياء فِي ترجمة الشيخ أبي العباس الجزار أن القاضي عماد الدين المذكور، لما صمّم عَلَى عدم العود بعد العزل عن القضاء، عزل من تدريس المدرسة الصلاحية المجاورة لضريح الشافعي، وتدريس المشهد الحسيني، وخطابة الجامع الحاكمي وتدريس المدرسة المعروفة بمنازل العز. فاجتمع بالشيخ أبي العباس، وتشكَّى إِلَيْهِ أنه شق عَلَيْهِ عزله من المدرسة المذكورة لكونها سكن عائلته، وهم كثير. فقال الشيخ: يكون الخير. فلما أصبح، قال الشيخ لأصحابه اليوم العصر ترد عَلَى أبي القاسم المدرسة فكان كذلك، أحضر لَهُ توقيع جديد بِهَا من غير سعي. قال: وقال لَهُ العماد: يَا سيدي عندي جارية حامل فقال: تضع غلاماً يسمى عبد العزيز، فكان كذلك.
عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن سليمان بن خَيْر الشقيري الأنصاري الإِسكندراني أبو القاسم جمال الدين ابن فخر الدين ابن زين الدين المالكي من المائة الثامنة.