كتاب رفع الإصر عن قضاة مصر

ابن جابر بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن عبد الرحمن بن خلدون الحضرمي الإشبيلي الأصل، التونسي المولد، أبو زيد ولي الدين المالكي، من المائة التاسعة.
ولد فِي أول شهر رمضان سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة، واشتغل فِي بلاده وسمع من الوادي آشي وابن عبد السلام وغيرهما وأخذ القراءات عن محمد بن سعد بن بُرَّاد، واعتنى بالأدب وأمور الكتابة والخط، حَتَّى مهر فِي جميع ذَلِكَ. وولي كتابة العلامة عن صاحب تونس. ثُمَّ توجه إِلَى فاس فِي سنة ثلاث وخمسين، فوقع بَيْنَ يدي سلطانها أبي عنان. ثُمَّ حصلت لَهُ نكبة وشدة، واعتقل نحو عامين. وولي كتابة السر لأبي سالم والنظر فِي المظالم.
ثم دخل الأندلس فقدم إِلَى غرناطة فِي سنة أربع وستين، فتلقاه السلطان ابن الأحمر عند قدومه، ونظمه فِي أهل مجلسه. وأرسله إِلَى عظيم الفرنج بإشبيلية، فعظّمه وأكرمَه، وحمَله. وقام بالأمر الَّذِي ندب إِلَيْهِ. ثُمَّ توجه فِي سنة ست وستين إِلَى بجاية ففوض إِلَيْهِ تدبير مملكته مدة.
ثُمَّ نزح إِلَى تِلِمْسَان باستدعاء صاحبها، وأقام بوادي العرب مدة. ثُمَّ توجه إِلَى فاس من بَسْكِرَة فنهب فِي الطريق. ومات صاحب فاس قبل قدومه، فأقام بِهَا قدر سنتين. ثُمَّ توجه إِلَى الأندلس. ثُمَّ رجع إِلَى تلمسان، فأقام مدة أربعة أعوام. ثُمَّ ارتحل عنهم فِي رجب سنة ثمانين إلى تونس، فأقام بِهَا إِلَى أن استأذن فِي الحج فأذن لَهُ. فاجتاز البحر إِلَى أن وصل إِلَى الإسكندرية. ثُمَّ قدم الديار المصرية فِي سنة أربع وثمانين وسبعمائة فِي ذي القعدة. وحج ثُمَّ رجع فلازم أَلْطُنْبُغَا الجوباني، فاعتنى بِهِ إِلَى أن قرره الملك الظاهر برقوق فِي قضاء المالكية بالديار المصرية، فباشرها مباشرة صعبة، وقلب للناس ظهر المِجَن، وصار يعزّز بالصفع ويسميه الزج. فإذا غضب عَلَى إنسان، قال: زجوه، فيصفع حَتَّى تحمر رقبته.
قرأت بخط البشبيشي؛ كَانَ فصيحاً مُفوهاً جميل الصورة وخصوصاً إذَا كَانَ معزولاً. أما إذَا ولي فلا يعاشَر، بل ينبغي ألا يرى.
وقد ذكره لسان الدين ابن الخطيب فِي تاريخ غرناطة وَلَمْ يصفه بعلم، وإنما ذكر لَهُ تصانيف فِي الأدب، وشيئاً من نظمه، وَلَمْ يكن بالماهر فِيهِ. وَكَانَ يبالغ فِي كتمانه، مع أنه كَانَ جيداً لنقد الشعر.
وسئل الركراكي فقال: عَرِيٌّ عن العلوم الشرعية. لَهُ معرفة بالعلوم العقلية

الصفحة 234