كتاب رفع الإصر عن قضاة مصر

واشتهر أمره، وطار ذكره حَتَّى صار يضرب بِهِ المثل فيقال: مَا أنتَ إِلاَّ من العوام، ولو كنتَ ابن عبد السلام.
وكان مع ذَلِكَ حسن المحاضرة، كبير المروءة، عَلَى غاية من صفاء الذهن وفرط الذكاء. وَكَانَ يحضر السماع ويرقص. وَكَانَ يقول: مضت لي ثلاثون سنة لا أنام حَتَّى أمر أبواب الأحكام عَلَى خاطري.
وكان يقول: مَا احتجتُ فِي شيء من العلوم إِلَى أن أكمله عَلَى الشيخ الَّذِي أقرأه عَلَيْهِ. وَمَا توسطته، حَتَّى يقول لي: استغنيت عني واشتغل فِيهِ مع نفسك. ومه ذَلِكَ مَا كنت أتركه حَتَّى أختمه عَلَيْهِ.
ومن تصانيفه: التفسير، والمجاز فِي القرآن، وقواعد الإِسلام، والقواعد الصغرى، ومختصر النهاية، ومختصر الرعاية، والفتاوى المجموعة، والأمالي والفتاوى الموصلية، وعدة تصانيف لطاف.
وكان صرفه عن القضاء لغضبة غضبها من الوزير معين الدين ابن الشيخ فعزل نفسه. فقيل للسلطان: اعزله وإلا قال فيك عَلَى المنبر، كما قال فِي الصالح إسماعيل، فعزله من الخطابة، واقتصر عَلَى تدريس الصالحية إِلَى أن مات.
وسئل أن يقرر وظائفه لأولاده فقال: مَا فيهم مَن يصلح لَهَا، ولكنها تصلح للقاضي تاج الدين، يعني ابن بنت الأعز.
وكان صرفه عن القضاء فِي ذي القعدة سنة أربعين وستمائة. فاستقر بعده موهوب الجزَري، وَكَانَ ينوب عنه.
وكانت وفاته بالمدرسة الصالحية فِي عاشر جمادى الأولى سنة ست وستين وستمائة وصلّى عليه السلطان الظاهر بيبرس فمن دونه. ورثاه أبو الحسن الجزار بقصيدة أولها:
أما الفتاوى فعليها السلام ... مذ فقد الشيخ ابن عبد السلام
راعني الله لفقد امرئ ... قام بحق الله حق القيام
عبد العزيز بن علي بن أبي العز بن عبد العزيز بن عبد المحمود البكري البغدادي، عز الدين الحنبلي من المائة التاسعة.

الصفحة 241