كتاب رفع الإصر عن قضاة مصر

الطباق وعني بهذا الشأن. وَكَانَ خيراً صالحاً حسن الخلق كثير الفضائل. سمعت منه، وسمع منِّي. وولي وكالة بيت المال وغير ذَلِكَ من المناصب. ثُمَّ ولي القضاء عوضاً عن القاضي جلال الدين القزويني، فصرف جميع من كَانَ الجلال استنابه، وقرر هو صهره تاج الدين المناوي، وأخاه ضياء الدين المناوي، ثُمَّ ذكر للسلطان أن جميع ولاة البرِّ ولاَّهم القزويني بالمال، واستأذنه فِي عزلهم، فعزل الجميع. وتولى المناوي تقرير غيرهم برأيه.
قال الإِسنوي: ولي قضاء الديار المصرية فِي جمادى الآخرة سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة فسار فِيهِ سيرة حسنة. وَكَانَ حسن المحاضرة كثير الأدب، حسن الخط مع السرعة سليم الصدر.
وآل أمر القاضي عز الدين إِلَى أنه تخلى عن المنصب لتاج الدين يفعل فِيِه مَا شاء، واقتصر هو عَلَى حضور المواكب بدار العدل يومي الاثنين والخميس، والإقبال عَلَى الاشتغال بالعلم، وحضور الدروس، والتخلي للعبادة.
وَكَانَ عفيفاً نزيهاً كثير العبادة، إِلاَّ أنه كَانَ قابض اليد عن البذل للفقراء والطلبة.
وحكى الجمال ابن أحمد فِي ترجمته، أنه كَانَ أقوى الأسباب فِي اتصال جنس الفقهاء بالترك، فخدموهم لينالوا بهم الوصول إِلَى مقاصدهم، لتعذرها عليهم من عند القاضي، فآل الأمر بذلك إلى أن استقرت المناصب العلمية كلها لمن لا يستحقها، انتهى.
وهذا لا شك أنه كَانَ موجوداً قبل عز الدين، إِلاَّ أنه كثر باعتماده عَلَى التاج المناوي، وَكَانَ قليل البضاعة فِي العلم، عارفاً بالشروط.
وَكَانَ العز جميل المحاضرة، كثير العبادة والتواضع والإِنصاف، والاقتصاد فِي المأكل والملبس.
صنف كتاب المناسك الكبرى عَلَى المذاهب الأربعة، أجاد فِيهِ، واختصره فِي مجلد لطيف. وصنف السيرة النبوية مختصرة. وَلَهُ مجاميع حسنة. وصنف نزهو الألباء فِي معرفة الأدباء، اقتصر فِيهِ عَلَى ترجمة من اتصلت لَهُ رواية شعره بالسماع أَوْ الإِجازة.

الصفحة 244