كتاب رفع الإصر عن قضاة مصر

وكان أول أحكامه أنه أوقف جميع الشهود الذين قبلهم عمه الحسن مَا عدا شرف ابن محمد المقرئ، فإنه استكتبه فِي التوقيع والقصص، وكتب لَهُ فِي الإسجال عَلَيْهِ، قاضي القضاة عبد العزيز، قاضي عبد الله ووليه منصور أبي علي، الإِمام الحاكم الأمير المؤمنين - صلوات الله عَلَيْهِ وَعَلَى آبائه الطاهرين - عَلَى القاهرة المُعِزِية ومصر والإِسكندرية والحرمين وأجناد الشام والرحبة والبرقة والمغرب وأعمالها. وَمَا فتحه الله وَمَا يسَّر فتحه لأمير المؤمنين من بلدان المشرق والمغرب.
واستخلف عبدُ العزيز فِي الحكم مالك بن سعيد الفارقي وابن أبي العوام فِي الفرض. ولازم الشهودُ الذين لَمْ يقبلهم بابَه، فأرسل إليهم أنه قَدْ كثر تطارحكم عليَّ وتشفعكم فِي قبول الشهادة، فيلزم كل واحد منكم شغله. فمن احتجت إِلَى شهادته منكم أنفذت إِلَيْهِ، فانصرفوا عنه.
فلما كَانَ فِي السابع عشر من ذي القعدة، طلبهم واستحلفهم أنهم مَا كانوا سَعوا فِي طلب الشهادة عند عمه ولا رشوه ولا غروا لَهُ، فحلفوا عَلَى ذَلِكَ فقبلهم، وأصعد الحاكمُ عبدَ العزيز معه عَلَى المنبر فِي الجمع والأعياد عَلَى عادة من تقدمه، وامتدت يده فِي الأحكام وعلت منزلته. وجلس فِي الجامع وابتدأ فِي كتاب جَده اختلاف أصول المذاهب. وَفِي ولايته فوض الحاكم إِلَيْهِ النظر عَلَى دار العلم الَّتِي أنشأها وَكَانَ الحاكم بناها وأتقنها وجعل فِيهَا من كتب العلوم شيئاً كثيراً، وأباحها للفقهاء
وأن يجلسوا فِيهَا بحسب اختلاف أغراضهم من نسخ ومطالعة وقراءة، بعد أن فُرشت وعلقت الستور عَلَى أبوابها، ورتب فِيهَا الخدام والفَرشة.
وتخصص عبد العزيز هَذَا بمجالسة الحاكم ومسايرته، فاحتاج القاضي إِلَى الإِذن لولده القاسم الأكبر فِي الحكم بالجامع وَكَانَ يجلس فِيهِ لسماع الأحكام، والفصل بَيْنَ الخصوم. وصار الناس يترددون فِي أمورهم منه إِلَى أبيه ومن أبيه إِلَيْهِ، وأمر ولده الأصغر أن يثبت كتب الناس ويفصل بينهم فِي مجلس حكمه بمنزله. وفوض إِلَيْهِ الحاكم أيضاً النظر فِي تركة ابن عمه حسين بن علي بن النعمان بعد قتله، فتسلم جميع مَا وجد لَهُ، وكذا فعل فِي تركة أبي منصور الجودري وهو من كبار دولته، وقدَّمه فِي الصلاة عَلَى جماعة من أوليائه، جرت العادة بأنه لا يصلى عليهم إِلاَّ الخليفة. وأمره فِي يوم عاشوراء أن يمنع النساء والناس من المرور فِي الشوارع، وَكَانَتْ سنتهم أنهم فِي يوم عاشوراء

الصفحة 247