كتاب رفع الإصر عن قضاة مصر

وحملا عَلَى فرسين وقِيدت بَيْنَ أيديهما عدة خيول، وأعاد الحاكم النظر فِي المظالم إِلَى القاضي عبد العزيز، وقرئ سجله وخلع عَلَيْهِ خلعاً مقطوعة وطيلساناً، وحمل عَلَى بغلته وبين يديه أخرى، وحمل بَيْنَ يديه سفَط ثياب. فاستمر إِلَى تاسع عشر صفر سنة أربعمائة، ثُمَّ قبض عَلَى إقطاعه، وضرب عَلَى باب داره لوح باسم الديوان.
وفي أواخر رمضان أعرس ولدا القاضي بابنتي القائد الَّذِي تقدم عقدهما عليهما.
فلما كَانَ آخر المحرم سنة إحدى وأربعمائة، استشعر القاضي والقائد من الحاكم الغدر بهما. فلما كَانَ فِي التاسع من صفر، هرب القاضي وقائد القواد حسين بن جوهر وأتباعهما وصَحِبَهما جماعة، ومعهما من الأموال شيء كثير. وتوجهوا عَلَى طريق دُجْوة فلما بلغ الحاكم ذَلِكَ، ختم عَلَى دورهما، وأمر مالك ابن سعيد الفارقي بالركوب إِلَى دار القاضي والقائد حسين، وضبط مَا فيهما وحَمْلِه. فلم يزل القاضي والقائد مستترين إِلَى السادس من المحرم سنة إحدى وأربعمائة، فظهرا وكتب
لهما الأمان من الحاكم، وخلع عليهما، فلازما الخدمة، إِلَى أن كَانَ يوم الجمعة ثاني عشر جمادى الآخرة منها، حضرا الخدمة وانصرفا. فأرسل إليهما فِي الحال فرجعا فقتل كلاًّ منهما جماعة من الأتراك فِي الدهليز، وختم فِي الحال عَلَى دورهما، وذهب دمهما هدراً. وأحيط عَلَى دورهما فِي الوقت، وقبض عَلَى كثير من أتباعهما، وصودروا.
وكان عبد العزيز عالماً بالفقه عَلَى مذهب الإِمامية كآل بيته، ولا سيما جده، وَقَدْ نسب إِلَيْهِ الشيخ عماد الدين ابن كثير، الكتاب المسمى البلاغ الأكبر والناموس الأعظم فِي أصول الدين، ووهم فِي ذَلِكَ. وإنما هو تصنيف عمه عليّ ووالده النعمان.
قال ابن كثير: وَقَدْ رد عَلَى هَذَا الكتاب القاضي أبو بكر الباقلاني. قال ابن كثير: وفيه من الكفر مَا لا يصل إبليس إِلَى مثله. كذا قال.
عبد الغني بن يحيى بن محمد بن عبد الله بن نصر بن أبي بكر الحراني، أبو محمد شرف الدين الحنبلي من المائة الثامنة.

الصفحة 250