كتاب رفع الإصر عن قضاة مصر

وقد وجد من يوافق المهلب المشهور فِي اسمه وَفِي كنية والده، وهو شيخ ابن بطال شارح البخاري.
ولد القاضي وجيه الدين فِي ... واشتغل بمصر عَلَى جماعة، واجتمع بالقاضي عناد الدين السكري فِي أواخر أيامه، وَعَلَى البهاء ابن بنت الجميزي. وأخذ عن الزكي عبد العظيم بمصر، وأخذ بدمشق عن ابن الصلاح، وابن عبد السلام، ثُمَّ رجع إِلَى مصر فدرس بالمجدية، وهو مكان وقفه مجد الدين المهلبي عَلَى من يدرس بمكان معين بجامع عمرو بن العاص. وَكَانَ لَهُ يوم جلوسه محفل عظيم. وَكَانَ يُلقى فِيهِ بعد الدرس العام درساً فِي أصول الدين، اتباعاً لشرط واقفه، وَكَانَ أتقن الأصلين عَلَى طريقتي الإمام فخر الدين والسيف الامدي، أخذهما عن الأفضل الخونجي والحسن وشاهين.
وكان رفيع القدر عند القاضي تاج الدين ابن بنت الأعز وغيره، مشاراً إِلَيْهِ فِي الأمور، يرجع إلى رأيه فِي النقض والإِبرام فِي المهمات. وَكَانَ مع ذَلِكَ متواضعاً. فباشر أموره بنفسه مع إكبابه عَلَى الاشتغال والمباحثة والاستفادة.
قال: وَكَانَ لا يشق غباره، ولا يتوقع عثاره. وتولى مشيخة ميعاد علاء الدين الضرير بمضر.
ويدل عَلَى جلالة قدره، عظمة من تخرج بِهِ من الفضلاء؛ كالعَلَم العراقي والعلم
السمنودي، والعِزّ ابن السيف، والعلم ابن الصيفي القمني، والكمال عبد الغني والظهير يحيى، وابن الرفعة، والطبقة الَّتِي بعد هؤلاء كالزين ابن البياع والفلك ابن بن السكري، والعماد المهلبي والقطب البياني وغيرهم والطبقة الأخيرة. وَلَمْ يكن أحد ممن يوازيه فِي السن أكثر اشتغالاً منه. قطع عمره بَيْنَ قراءة وإقراء.
وولي الحكم فِي هر رمضان سنة ثمانين وستمائة، أَوْ فِي أواخر شعبان بعد وفاة ابن رزين مباشرة دون سنة. ثُمَّ استعفى من قضاء القاهرة وَمَا معها فِي رجب سنة إحدى وثمانين لسكناه بمصر ومشقة الركوب عَلَيْهِ، واستمر عَلَى قضاء مصر إِلَى أن مات فِي جمادى الآخرة سنة خمس وثمانين وستمائة.

الصفحة 257