كتاب رفع الإصر عن قضاة مصر
إسماعيل بن إبراهيم بن نصر الله العسقلاني الأصل، ثم القاهري الكناني الحنبلي، برهان الدين ابن ناصر الدين، من المائة التاسعة. ولد في شهر رجب سنة ثمان وستين وسبعمائة بالقاهرة، واشتغل على أبيه وغيره، ونشأ على طريقة حسنة، وفوض إليه أبوه نيابة الحكم عنه، فباشرها بعقل وسكون. ثم لما مات أبوه ولي القضاء بعده في الثاني من شعبان سنة خمس وتسعين ولم يكمل الثلاثين. فسلك في المنصب طريقة
مُثْلى من العفَّة والصيانة وبشاشة الوجه، والتواضع والتودُّد. وأحبه الناس ومالوا إليه أكثر من والده، لما كان عند أبيه من التشدُّد والانقباض، ومات في ثامن شهر ربيع الأول سنة اثنتين وثمانمائة وله أربع وثلاثون سنة. واستقر بعده أخوه موفق الدين أحمد وكان أصغر سناً منه. وأنجب البرهان ولدَه عز الدين أحمد ففاق سلفه في سعة العلم، ومعرفة الأدب. وناب في الحكم، ثم تركه تعففاً وتنزهاً، ودرس في عدة أماكن أمتع الله ببقائه.
إبراهيم بن يزيد بن مرة بن شرحبيل بن حَمِيَّة بن زَكّة بن عمرو بن شرحبيل بن هَرِم بن آزاد بن شرحبيل بن حُمْرَة بن ذي بَكْلان بن ثاَت بن زيد بن رُعَيْن، أبو خزيمة الرعيني المصري الثاتي بمثلثة ثم مثناة نسبة إلى ثات جده الأعلى.
ولاه يزيد بن حاتم أمير مصر بعد غوث بن سليمان، وذلك في شهر رمضان سنة أربع وأربعين ومائة في خلافة المنصور. كذا قال أبو عمر الكندي. وفيه نظر. لأنه ذكر أن ولاية يزيد بن حاتم كانت في ذي القعدة من هذه السنة. فكيف يوليه قبل أن يتأمّر؟. وفي قول أبي سعيد بن يونس: إن الأمير حينئذ كان عبد الملك، نظرٌ أيضاً.
وكان عرض القضاء على حَيْوَة بن شريح، فقال: لست أفعل. فاصنع ما أنت صانع. فتركه وولَّي أبا خزيمة.
وقال أبو سعيد بن يونس: ولي قضاء مصر بعد أن عرضه الأمير أبو عون عبد الملك بن يزيد على السيف فقبل ذلك.
وقال أبو القاسم بن عبد الحكم في كتابه (فتح مصر) : كان سبب ولاية أبي خزيمة أن أبا عون شاور فِي رجل يوليه القضاء، ويقال إن الذي شاور في ذلك
الصفحة 36
550