كتاب رفع الإصر عن قضاة مصر

ذلك، واللجاج فيه، وحَمْل الخلفاء عليه. ولولا ذلك لاجتمعت الألسن على الثناء عليه، ولم يُضَف إلى كرمه كَرم أحد.
قال الصولي: ولقد حدثني عون بن محمد الكندي، قال: لعهدي بالكَرْخ، ولو قال فيها أحد: إن ابن أبي دُوَاد مسلم، لقتل في مكانه، حتى وقع الحريق في الكرخ، وهو الذي لم يكن قبله مثلهُ. كان الرجل يقوم في صُبَيْبَة شارع الكرخ فيرى السفن في دجلة، فكلم ابن أبي دُوَاد المعتصم في الناس وقال: يا أمير المؤمنين رعيتك في بلد أبائك ودار ملكهم، نزل بهم هذا الأمر، فاعطف عليهم بشيء يُفرَّق فيهم مما يُمسك أرماقهم، ويبنون به ما انهدم فلم يزل ينازله حتى أطلق لهم خمسة آلاف ألف درهم. فقال يا أمير المؤمنين: إن فرقها عليهم غيري، خِفْت ألا تُقَسّم بينهم بالسوية. قال: ذاك إليك. فقسمها على مقادير ما ذهب منهم. وغرم من ماله في ذلك جملة.
وقال أبو رَوْق الهِزَّاني: حكى لي ابن ثعلبة الحنفي عن أحمد بن المُعّذَّل، أن ابن أبي دُوَاد كتب إلى جرل من أهل المدينة: (إن تابعتَ أمير المؤمنين في مقالته استوجبتَ منه المكافأة فكتب إليه: " عصمنا الله وإياك من الفتنة. الكلام في القرآن بدعةٌ يشترك فيها السَّائلُ والمجيب، لتعاطي السائل ما ليس له. وتكلُّف المجيب ما ليس عليه. ولا نعلم خالقاً إلا الله وما سواه مخلوق. والقرآن كلام الله، لا نعلم غير ذلك والسلام) .
وقال خالد بن خِدَاش: رأيت في المنام كأن آتيا أتاني بطبق فقال: اقرأ. فَقَرَأتُ بسم الله الرحمن الرحيم، ابن أبي دواد يريد أن يمتحن الناس. فمن قال: القرآن كلام الله، كسى خاتماً من ذهب، فصُّه ياقوتة حمراء، وأدخل الجنة

الصفحة 45