كتاب رفع الإصر عن قضاة مصر
أحمد بن عبد الله بن.. النِّحْرِيري المالكي من المائة التاسعة. ولاّه الملك الظاهر برقوق القضاء بالديار المصرية، على مذهب مالك، بعد صرف الذي كان قبله وهو الركراكي. وذلك في يوم الاثنين سابع عشري المحرم سنة أربع وتسعين وسبعمائة بعد أن خلا المنصب من رابع عشر شوال من السنة التي قبلها، ثلاثة أشهر ونصفاً.
وكان قدم القاهرة قديماً فقطنها، واشتغل على جماعة من علمائها، وأتقن العربية، واشتغل فيها مدة، وكان فقيراً جداً.
قرأت بخط العدل جمال الدين عبد الله بن أحمد البشبيشي، مُوقّع الحكم ما ملخصه: كان من فقهاء المالكية، وله اشتغال قديم، وَكَانَ قصير ذات اليد، فاستعان بالقاضي شمس الدين الرَّكْرَاكِي، حتى ساعده على ولاية القضاء بطرابلس، فأقام فيها سنوات، وحصل فيها مالاً جزيلاً، وكان يتعانى لبس الصوف القُبرصي، بحيث كان يتغالى في ذلك، فلا يلبس منه إلا ما يستعمل له بالعناية والرعاية. فاتفقت له كائنة بطرابلس، اطلع فهيا مِنْطَاش، وهو يومئذ مدبر المملكة، على أنه أقدم فيها على مالاً ينبغي. فأهانه وضربه بالسياط، وصرفه أقبح صرف وسجنه. فلما خرج الظاهر من سجن الكَرَك وانكسر منطاش، أفرج عنه. وقدم القاهرة، فسعى في قضاء الإسكندرية، فوليه قليلاً، وأخرج منه أقبح من الأول. فرجع إلى القاهرة فلازم الركراكي إلى أن خرج مع السلطان إلى الشام، فمات بحمص، كما سيأتي في ترجمته فبلغه موته، فرحل إلى الشام، فلاقى السلطان راجعاً، فسعى عند بعض أهل الدولة بمال، فكلم له السلطان، فقرره مكان الركراكي. فكانت من الفعلات المستهجنة، لما سبق له في قضاء البلدين من القبيح.
قال جمال الدين: وكان قبيح الفعل والصفة، مشوّة الخِلْقة والمنطق، مبغضاً إلى رفقته ومن دونهم، من وجوه البلد وأعيانها وعَوامِّها. فحضر يوماً مجلساً عند
الصفحة 57
550