كتاب رفع الإصر عن قضاة مصر

الوزراء بعد أيام. ثم صرف من القضاء في ثامن المحرم، وأعيد في جمادى الأولى. ثم صرف يوم عيد النحر. ثم ولي الوزارة فقط في ثالث عشري صفر سنة إحدى وستين. ونكب عقب ذلك ونفى إلى الشام فمات بها. وكان في هذه المدة اليسيرة يتناوب ولاية القضاء مع ابن أبي كدينة، والوزارة مع جماعة.
ولما ولي في صفر سنة ثمان خمسين وأضيفت إليه الوزارة، دعي بقاضي القضاة الأعظم. ومدحه الشعراء، منهم علي بن بشر الصقلي الشاعر الكاتب
المشهور. ثم تناوب الولاية مع عبد الحاكم بن وهيب إلى أن نكب بسبب الوزارة كما تقدم. ومدحه علي بن بشر الصقلي الشاعر المشهور بقصيدة يقول فيها:
هو الملك الندبُ الذي لا إلى الهوى ... يقومُ ولا عن واجب المجد يعقدُ
لقد حارت الأوهامُ فيه وقد عَلاَ ... إلى الغاية القُصوى إلى أين يَصْعَدُ
من النَّفر البيض الذين مديحهم ... على ألسن الأيام غَضٌّ مُمدّدُ
كأنًّهْمْ عقدٌ على جيد عصرهم ... يُفَصَّل منهم لؤلؤٌ وزبرجدُ
إذا ذُكر المحمودُ من كل معشر ... خلالاً وأفعالاً فَأَحمدُ أحمدُ
أحمد بن علي بن محمد بن محمد بن علي بن أحمد العسقلاني الأصل، المصري المولد والمنشأ، نزيل القاهرة. ولد في شعبان، سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة، ومات أبوه في رجب سنة سبع وسبعين وسبعمائة، وماتت أمه قبل ذلك وهو طفل، فنشأ يتيماً. ولم يدخل (الكُتَّاب) حتى أكمل خمس سنين، فأكمل حفظ القرآن وله تسع سنين. ثم لم يتهيأ له أن يصلي بالناس التراويح إلا في سنة خمس وثمانين وسبعمائة، وقد أكمل
اثنتي عشرة سنة. وكان وصيّه الرئيس الشهير زكي الدين أبو بكر ابن نور الدين علي الخرُّوبي، كبير التجار بمصر، قد جاور في تلك السنة، واستصحبه معه، إذ لم يكن له من يكفله. وسمع في تلك السنة صحيح البخاري على مسند الحجاز عفيف الدين عبد الله النَّشَاوِرِي خاتمة أصحاب إمام المقام رضي الدين الطبري. ولم يضبط سماعه، لكنه يتحقق أنه لم يسمع الجميع، بل له فيه إجازة شاملة لمروياته. وكان سماعه بقراءة الشيخ شمس الدين محمد بن عمر السَّلاوي

الصفحة 62