كتاب سير السلف الصالحين - قوام السنة (اسم الجزء: 3)

لَسْتُ أَدْرِي أَطَالَ لَيْلِيَ أَمْ لَا ... كَيْفَ يَدْرِي بِذَاكَ مَنْ يَتَقَلَّى؟
لَوْ تَفَرَّغْتُ لِاسْتِطَالَةِ لَيْلِي ... وَلِرَعْيِ النُّجُومِ، كُنْتُ مُخَلَّى
قَالَ: فَبَكَى مَنْ حَضَرَهُ وَاسْتَدَلُّوا بِذَلِكَ عَلَى عِمَارَةِ أَوْقَاتِهِ.
وَقِيلَ لَهُ: إِنَّ فُلَانًا يَمْشِي عَلَى الْمَاءِ، فَقَالَ: عِنْدِي أَنَّ مَنْ مكَّنَّهُ اللَّهُ مِنْ مُخَالَفَةِ هَوَاهُ فَهُوَ أَعْظَمُ مِنَ الْمَشْيِ عَلَى الْمَاءِ.
وَسُئِلَ: بِمَاذَا يَنَالُ الْعَبْدُ الْمَحَبَّةَ؟ فَقَالَ: بِمُوَالَاةِ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ وَمُعَادَاةِ أَعْدَائِهِ، ثُمَّ نَظَرَ إِلَى بَعْضِ جُلَسَائِهِ فَقَالَ: أَنْشِدْنِي الْأَبْيَاتَ الَّتِي كُنْتَ نَشَدْتَنِيهَا أَمْسِ، فَأَنْشَأَ الرَّجُلُ يَقُولُ:
أَشْبَهْتَ أَعْدَائِي فَصِرْتُ أُحِبُّهُمْ ... إِذَا كَانَ حَظِّي مِنْكَ حَظِّي مِنْهُمُ
وَأَهَنْتَنِي فَأَهَنْتُ نَفْسِي صَاغِرًا ... مَا مَنْ يَهُونُ عَلَيْكَ مِمَّنْ يُكْرَمُ
أَجِدُ الْمَلَامَةَ فِي هَوَاكَ لَذِيذَةً ... حُبًّا لِذِكْرِكَ فَلْيَلُمْنِي اللُّوَّمُ
وَقَالَ: تَصْحِيحُ الْمُعَامَلَاتِ بِشَيْئَيْنِ: وَهُوَ الصَّبْرُ , وَالْإِخْلَاصُ، الصَّبْرُ عَلَيْهَا , وَالْإِخْلَاصُ فِيهَا، وَقَالَ: مِنِ اعْتَمَدَ عَلَى فَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى بَلَّغَهُ اللَّهُ إِلَى أَقْصَى مَنَازِلِ الرِّضْوَانِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس: ٥٨] . .

الصفحة 1160