كتاب تفسير التابعين (اسم الجزء: 1)

وإن أولى ما صرفت فيه الأوقات والسنون، وكدت فيه العقول والفهوم، علم كتاب الله المصون، الذي هو حبل الله المتين، والسراج المبين، من تمسك به هدي، ومن اهتدى بنوره رشد.
ولقد منّ الله عليّ بدراستي هذا العلم الشريف، علم التفسير، وأصبح لديّ ممارسة واشتغال بكتبه، ومؤلفاته، وذلك منذ أن وقفت إلى اختيار قسم القرآن وعلومه أولا، ثم بعد اختيار دراسة تفسير أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ثانيا، والذي عشت فيه مرحلة الماجستير، وانتهيت منه بحمد الله، ولقد دار في ذهني منذ ذلكم الوقت، أن أجعل موضوع الدكتوراة في نفس المسيرة المباركة مع تفسير مناهج الأصحاب، لأستنير بأقوالهم، وأدرس طرائقهم، فوجدت أحد الباحثين الفضلاء قد سبقني إليه (¬1)، وما زالت الفكرة تعتلج في خاطري، وتختلج في نفسي، فسكنت النفس بعد، واستقر الاختيار على موضوع مقارب سميته: تفسير التابعين عرض ودراسة.

أهمية الموضوع:
أوجد الله في هذه الأمة رجالا، وقفوا حياتهم لحفظ شريعة ربهم، والذود عنها، فدأبوا على ذلك زمانهم، واستفرغوا فيه جهدهم، فحفظت بهم الرسالة، حتى وصلت كما أنزلها الله تعالى، لا اعوجاج فيها ولا انحراف فهم دعامتها وحماتها، ولم يكن لهم غاية من ذلك إلا ابتغاء رضوان الله تعالى، فرضي الله عنهم، وبلّغهم مناهم.
ولذا كان من الواجب علينا أن نعرف سيرتهم، ونقف على مسالكهم، وننظر في آرائهم، فننهل من معينهم الصافي الذي لا كدر فيه، وننهل من زلال نبعهم الفيّاض الذي لم تشبه شائبة، فهم خير القرون بعد قرن الرسول صلى الله عليه وسلم، وأصحابه الكرام، يقول
¬__________
(¬1) هو الباحث ناصر بن محمد الحميد في رسالته المسماة (التفسير في عهد الصحابة).

الصفحة 10