كتاب تفسير التابعين (اسم الجزء: 1)

بل تعدى ذلك إلى مخالفة شيخه (¬1) في مسألة توبة القاتل المتعمد، فقد روى ابن جرير عن الحكم عن سعيد بن جبير قال: سألت ابن عباس عن قوله: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} (¬2). قال: إن الرجل إذا عرف الإسلام، وشرائع الإسلام، ثم قتل مؤمنا متعمدا، فجزاؤه جهنم، ولا توبة له، قال الحكم: فذكرت ذلك لمجاهد، فقال: إلا من ندم (¬3).
ومن خلال ما سلف يتبين أن مجاهدا رحمه الله وإن وجد عنده شيء من التأويل الذي حاد فيه عن الجادة، وخالف الصواب، فهو من أهل السنة والجماعة، يدور في فلكهم، وينهج طريقهم، وما وقع فيه من المخالفة في مسألة الرؤية (¬4) وغيرها، فمن طبيعة النقص البشري، فلا يحكم عليه من خلاله إذ ليس ذلك بمنهج له، بل هو عارض عرض في مسائل مخصوصة، والله أعلم.
ولا بد بعد هذا من عرض لأبرز المسائل المنتقدة في التفسير المروي عن مجاهد عند أهل السنة والجماعة، دون ما نسبه إليه أهل الأهواء المخالفون (¬5) إذ لا عبرة بهم، ولا وزن لمروياتهم. فمن ذلك:
¬__________
(¬1) أكثر المروي عن ابن عباس هو قوله بعدم قبول توبة القاتل العمد، وينظر تفسير ابن جرير الآثار 10187، 10188، 10189، 10190، 10191، 10192، 10193، 10194إلى 10204 (9/ 6762).
وسنن أبي داود 4275 (4/ 105).
(¬2) سورة النساء: آية (93).
(¬3) تفسير الطبري (9/ 62) 10187، وتفسير الماوردي (1/ 520)، وتفسير ابن عطية (4/ 215)، وتفسير البغوي (1/ 465)، والبحر المحيط (3/ 326)، وزاد المسير (2/ 167)، وتفسير القرطبي (5/ 214).
(¬4) سيأتي تفصيل على هذه المسألة بعد ورقات إن شاء الله.
(¬5) من مثل الربيع بن حبيب الفراهيدي الإباضي في مسنده (3/ 27، 33، 34، 35، 36، 43)، وكذا ما يرويه عبد الجبار المعتزلي في المغني (4/ 216212) وغيرهم.

الصفحة 104