ومن كليات الأفعال أيضا قال أبو العالية: كل آية نزلت في القرآن يذكر فيها حفظ الفرج فهو من الزنى، إلا هذه الآية: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} (¬1)، أن لا يراها أحد (¬2).
كليات الأحكام:
وهذا النوع هو جزء مما قبله، إلا أنني أفردته لبيان أن التابعين كانوا يهتمون بالكليات لا لبيان التفسير اللغوي فحسب، بل أحيانا لما يترتب عليها من بيان الأحكام.
فمن ذلك ما جاء عن مجاهد قال: كل طعام في القرآن فهو نصف صاع (¬3).
وعنه قال: كل صوم في القرآن فهو متتابع إلا قضاء رمضان (¬4).
زاد في رواية: فإنه عدة من أيام أخر (¬5).
وعن إبراهيم قال: ما كان في القرآن من (رقبة مؤمنة) فلا يجزئ إلا من صام وصلّى، وما كان في القرآن من (رقبة) ليست مؤمنة، فالصبي يجزئ (¬6).
وقد استفاد تابع التابعين من هذه الكليات، فأعملوا النظر والفكر متابعة لشيوخهم، واستخرجوا كليات غير ما ذكرها التابعون.
فمن ذلك ما جاء عن الضحاك قال: القنوت الذي ذكره الله في القرآن إنما يعني به الطاعة (¬7).
¬__________
(¬1) سورة النور: آية (31).
(¬2) تفسير ابن كثير (6/ 47)، والإتقان (1/ 189).
(¬3) الإتقان (1/ 189).
(¬4) تفسير مجاهد (1/ 203) وهي مسألة خلافية، فكفارة اليمين مثلا لا يشترط لها التتابع، والتتابع ظاهر مذهب أحمد، ينظر المغني (13/ 528، 529).
(¬5) تفسير الطبري (10/ 559) 12496.
(¬6) تفسير الطبري (9/ 35) 10096، 10097، (10/ 554) 12487.
(¬7) تفسير الطبري (5/ 229) 5504.