كتاب تفسير التابعين (اسم الجزء: 2)

ذلك منجما فقد قال به الشعبي (¬1).
إلا أنني وجدت له رواية أخرى فيها غير ذلك. فقد روي عنه أنه قال: بلغنا أن القرآن نزل جملة واحدة إلى السماء الدنيا (¬2).
وهناك أقوال أخرى في المسألة (¬3)، والمقصود أن التابعين اختلفوا في كيفية إنزاله، ثم تبعهم على ذلك العلماء والمصنفون في علوم القرآن، ولعل المعتمد من هذه الأقوال هو قول ابن عباس وهو أن له نزولين (¬4).
وقد ذكر بعض المصنفين في علوم القرآن كلاما مضطربا في النزول على النبي صلى الله عليه وسلم هل هو اللفظ، أو المعنى، أو كلاهما، وجعل قوله: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} (¬5) من جملة القرآن المنزل جملة واحدة أولا، وغير ذلك (¬6) من الأمور المبنية على المذاهب غير الصحيحة في كلام الله سبحانه، فإن نزول القرآن جملة هو نزوله مكتوبا والوجود الرسمي لا يعارض الوجود العيني، فليس ثمة معارضة أن يكون الله كتبه وأنزله جملة واحدة ثم تكلم به بعد ذلك فقد خلق الله السموات والأرض، وكتب ذلك قبل أن يخلقها.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الكلام على نزول القرآن من الله:
وهذا لا ينافي ما جاء عن ابن عباس وغيره من السلف في تفسير قوله: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي}
¬__________
(¬1) البرهان (1/ 228، 229).
(¬2) تفسير الطبري (3/ 447) 2820.
(¬3) البرهان (1/ 229)، والإتقان (1/ 53، 54)، وفتح الباري (9/ 4، 5).
(¬4) ينظر في وجوه ترجيح هذا القول: البرهان (1/ 228)، والإتقان (1/ 53، 54)، وفتح الباري (9/ 4)، والزيادة والإحسان (1/ 216)، النوع (7)، تحقيق محمد صفا.
(¬5) سورة القدر: آية (1).
(¬6) يراجع في ذلك الاضطراب البرهان (1/ 230، 231)، والإتقان (1/ 54، 55).

الصفحة 1046