كتاب تفسير التابعين (اسم الجزء: 1)

1 - ما جاء عنه عند تفسير قوله تعالى: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} (¬1) من طريق النضر عنه قال: {فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ}: قبلة الله (¬2).
وقد أورد ابن خزيمة هذه الآية (¬3) على أنها إثبات صفة الوجه لله تعالى، وتبعه على ذلك البيهقي في الأسماء والصفات (¬4)، وتعقبه شيخ الإسلام ابن تيمية بكلام مهم وطويل، ونظرا لأهمية، واحتياج هذا الموضع وغيره مما قد يقع اللبس فيه، إلى الكشف والبيان، وإزالة الالتباس لما قد يعلق بأذهان بعض الناس، أسوق كلامه رحمه الله بطوله حيث يقول: هذه الآية أدخلها في آيات الصفات طوائف من المثبتة والنفاة، حتى عدّها «أولئك» كابن خزيمة، مما يقرر إثبات الصفة، وجعل «النافية» تفسيرها بغير الصفة لهم في موارد النزاع، ولهذا لما اجتمعنا في المجلس المعقود (¬5)، وكنت قد قلت: أمهلت كل من خالفني ثلاث سنين، إن جاء بحرف واحد عن السلف يخالف شيئا مما ذكرته كانت له الحجة، وفعل، وفعلت، وجعل المعارضون يفتشون الكتب، فظفروا بما ذكره البيهقي في كتاب «الأسماء والصفات» في قوله تعالى: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ}، فإنه ذكر عن مجاهد، والشافعي أن المراد: قبلة الله، فقال أحد كبرائهم في المجلس الثاني قد أحضرت نقلا عن السلف بالتأويل، فوقع في قلبي ما أعد، فقلت: لعلك قد ذكرت ما روي عن مجاهد في قوله تعالى: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ}
¬__________
(¬1) سورة البقرة: آية (115).
(¬2) أخرجه الطبري في تفسيره، من طريق النضر، عن مجاهد به (2/ 536) 1848، والبيهقي في الأسماء والصفات، باب ما جاء في إثبات الوجه، وساق الرواية من طريق النضر عن مجاهد:
فثم وجه الله: قبلة الله، أينما كنت في شرق أو غرب فلا توجهن إلا إليها (2/ 35)، وأخرجها البيهقي أيضا في السنن الكبرى، بسنده من طريق النضر عن مجاهد، باللفظ السابق (2/ 13) وينظر تفسير الماوردي (1/ 177)، وتفسير البغوي (1/ 108)، والبحر المحيط (1/ 361)، وزاد المسير (1/ 135).
(¬3) في باب ذكر إثبات وجه الله، كتاب التوحيد (1/ 25).
(¬4) كتاب الأسماء والصفات للبيهقي (2/ 35).
(¬5) أي المجلس الذي عقد له في المناظرة حول «الواسطية».

الصفحة 105