كتاب تفسير التابعين (اسم الجزء: 2)

بعموم اللفظ (¬1)، جاء عنه رحمه الله في تفسير قوله تعالى: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً} (¬2)، قال: نزلت في الوليد بن المغيرة، وكذلك الخلق كلهم (¬3)، وعند قوله عز وجل: {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ} (¬4)، قال: ليست بخاصة لأحد (¬5).
وإذا نظرنا إلى المكثرين منهم في ذلك نجد أن عكرمة يعد من أغزرهم رواية لأسباب النزول، يليه الشعبي، ثم السدي (¬6).
ومما ينبغي ملاحظته أن من عادة التابعين أن أحدهم إذا قال: نزلت هذه الآية في كذا وكذا أنه لا يقصد الحصر في تلك الرواية، بل يريد أن الآية تتضمن هذا الحكم، فهو من جنس الاستدلال على الحكم بالآية لا من جنس النقل لما وقع (¬7).
ولذا لاحظ التابعون أن العبرة إنما تكون بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، إلا ما دلّ الدليل على خصوصيته، ولهذا كثر الاستدلال بالعمومات عندهم فيما نزل في أسباب مخصوصة، وقد أكثر مجاهد من ذلك كما سبق، وكان محمد بن كعب القرظي يقول: إن الآية تنزل في الرجل ثم تكون عامة بعد (¬8)، قال ابن كثير: وهذا الذي قاله القرظي حسن صحيح (¬9).
¬__________
(¬1) يراجع ذلك في ترجمته ص (113).
(¬2) سورة المدثر: آية (11).
(¬3) تفسير الطبري (29/ 52)، وزاد المسير (8/ 403)، والدر المنثور (8/ 329).
(¬4) سورة الهمزة: آية (1).
(¬5) تفسير الطبري (30/ 293)، وزاد المسير (9/ 227).
(¬6) بلغت مرويات عكرمة في أسباب النزول ما نسبته (14، 0) من مجموع تفسيره، وقريب منه الشعبي حيث بلغ (13، 0) من مجموع تفسيره، ثم السدي حيث بلغ (11، 0) من مجموع تفسيره.
(¬7) تفسير القاسمي (1/ 2726).
(¬8) تفسير الطبري (4/ 232) 3964.
(¬9) تفسير ابن كثير (1/ 359).

الصفحة 1050