ومن ذلك ما جاء عن زيد بن أسلم عند تفسير قوله سبحانه: {وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحاً (1) فَالْمُورِيَاتِ قَدْحاً} (¬1)، حيث اختلف الصحابة فيها، فذهب علي وابن مسعود أن المراد بها: الإبل، بناء على ما ورد في سبب نزولها، وقال ابن عباس، وأصحابه:
الخيل، وقال ابن جرير: وقد كان زيد بن أسلم يذكر تفسير هذه الأحرف ويأباها، ويقول: إنما هو قسم أقسم الله به، قال ابن زيد في بيان مراد أبيه: لم يكن أبي ينظر فيه إذا سئل عنه ولا يذكره (¬2) يعني أنه يفسر الآية بالعموم.
ومن أمثلة ما جاء عنهم في أسباب النزول:
ففي تفسير قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} (¬3)، قال السدي: نزلت في الأخنس بن شريق الثقفي وهو حليف لبني زهرة، وأقبل إلى النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة، فأظهر له الإسلام، فأعجب النبي صلى الله عليه وسلم ذلك منه، وقال: إنما جئت أريد الإسلام، والله يعلم أني صادق، وذلك قوله: {وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلى َ مَا فِي قَلْبِهِ}، ثم خرج من عند النبي صلى الله عليه وسلم فمرّ بزرع لقوم من المسلمين وحمر، فأحرق الزرع، وعقر الحمر، فأنزل الله عز وجل: {وَإِذَا تَوَلَّى سَعى َ فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ}، وأما {أَلَدُّ الْخِصَامِ} فأعوج الخصام، وفيه نزلت: {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ} (¬4)، ونزلت: {وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ} إلى {عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ} (¬5).
4 - ما نزل أولا وما نزل آخرا:
يعد هذا المبحث من المباحث التي تناولها التابعون، وتنوعت عباراتهم بل
¬__________
(¬1) سورة العاديات (1، 2).
(¬2) تفسير الطبري (30/ 275).
(¬3) سورة البقرة: آية (204).
(¬4) سورة الهمزة: آية (1).
(¬5) سورة القلم: الآيات (1310)، والأثر أخرجه الطبري في التفسير (4/ 229، 230) 3961.