الدعوي الذي نزل به القرآن الكريم، وفي ذلك تقول أمنّا عائشة رضي الله عنها: إنه نزل أول ما نزل منه سورة من المفصل فيها ذكر الجنة والنار، حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام، نزل الحلال والحرام، ولو نزل أول شيء لا تشربوا الخمر، لقالوا: لا ندع الخمر أبدا، ولو نزل لا تزنوا لقالوا لا ندع الزنا أبدا، لقد نزلت بمكة وإني لجارية ألعب {وَالسَّاعَةُ أَدْهى َ وَأَمَرُّ} (¬1).
وأما آخر ما نزل: فقد وقع فيه اختلاف كثير بين الصحابة لعل سببه أن كل واحد ذكر آخر آية سمعها، أو آخر ما كتب من الآيات، أو السور، ونحو ذلك.
وتبعا لذلك اختلف التابعون، فقال بعضهم: آخر آية نزلت مطلقا هي قوله تعالى:
{وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} (¬2).
جاء هذا عن سعيد بن جبير (¬3)، والسدي (¬4)، وأسنده عكرمة عن ابن عباس (¬5).
وعن سعيد بن المسيب أنه بلغه: أن أحدث القرآن بالعرش آية الدين (¬6)، وقيل:
آخر ما نزل {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} (¬7)، قال السدي: هذا نزل يوم عرفة فلم ينزل
¬__________
(¬1) سورة القمر: آية (46). والحديث رواه البخاري في كتاب فضائل القرآن، باب تأليف القرآن، ينظر الفتح (9/ 38) 4993، ورواه البيهقي في دلائل النبوة (7/ 145) وزاد في آخره (على محمد صلى الله عليه وسلم)، وأبو عبيد في فضائل القرآن (220).
(¬2) سورة البقرة: آية (281).
(¬3) زاد المسير (1/ 6)، والإتقان (1/ 27)، والدر (1/ 370).
(¬4) تفسير الطبري (6/ 41) 6316، 6414، والمصنف لابن أبي شيبة (10/ 540).
(¬5) دلائل النبوة (7/ 137)، والمعجم الكبير للطبراني (11/ 371)، والدر المنثور (1/ 369 370)، والزيادة والإحسان (1/ 242) النوع العاشر، تحقيق محمد صفا.
(¬6) العلل لابن أبي حاتم (2/ 86)، وتفسير الطبري (6/ 41) 6316.
(¬7) سورة المائدة: آية (3).