عندهم قليل إذا ما قيس بالكم الكبير المتفق عليه (¬1).
وباستعراض أقوال التابعين في ذلك، نجد أن المدرسة البصرية أكثر من روي عنها الكلام في هذا الفرع، وأخص منها قتادة، ثم الحسن، ثم جابر بن زيد.
أما قتادة فلغلبة الصبغة الروائية على تفسيره لكونه من الحفاظ، صار من أكثرهم عناية به.
وأما الحسن فلأن هذا العلم يعرف به التدرج التشريعي، والوعظ المتفق مع منهج الحسن رحمه الله، ويليهما في ذلك عكرمة، وسبب تقدمه في ذلك معرفته الواسعة بنوع أسباب النزول الذي مكنه من التقدم في معرفة المكي، والمدني (¬2).
ويلاحظ في المروي عن قتادة أنه ربما استثنى بعض آيات من السورة فيعطيها حكما غير حكم السورة، فيقول مثلا: السورة مدنية إلا آية كذا وكذا، أو بالعكس (¬3).
وأما تحديد المكي والمدني:
فقد اختلف المنقول عن التابعين في ذلك على أقوال:
1 - النظر باعتبار حال المخاطبين بالآيات:
فما كان خطابا لأهل المدينة فهو مدني، وما كان خطابا لأهل مكة فهو مكي، واستدلوا بالخطاب ب (يا أيها الناس)، و (يا بني آدم) على الخطاب المكي، وب (يا أيها الذين آمنوا) على الخطاب المدني، فقد جاء عن علقمة والحسن أنهما قالا: كل شيء في
¬__________
(¬1) ظهر لي أن الخلاف بينهم روي في (12) سورة، كما سيأتي تفصيله في آخر هذا المبحث.
(¬2) بلغ المنقول عن قتادة فيما اطلعت عليه (40) نقلا، وعن الحسن (34) نقلا، وعن عكرمة (26) نقلا، في حين كان المروي عن مجاهد (19) نقلا، وعن عطاء (14) نقلا، وليس هناك كبير روايات عن غير هؤلاء، فلم أجد عن ابن جبير مثلا إلا روايتين فقط.
(¬3) ظهر هذا في (15) نقلا عنه، من أصل (40) نقلا، وقد سبق تفصيل ذلك في ترجمته ص (277).