كتاب تفسير التابعين (اسم الجزء: 2)

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّباً} (¬1)، ولذا فالأقرب حمله على الأمر الأغلبي لا الاستيعاب (¬2)، وبهذا لا يمكن الجزم بهذا الضابط لتحديد المكي من المدني.

2 - النظر باعتبار مكان النزول:
فالمكي ما نزل بمكة، والمدني ما نزل بالمدينة.
وهذا هو الغالب على تطبيقاتهم للمكي والمدني، ولذا فما نزل في السفر فإنهم يحددونه كأنه قسم مستقل.
فعن قتادة قال: نزلت سورة القصص بين مكة والمدينة (¬3).
وفي تحديدهم لسورة محمد صلى الله عليه وسلم، جاء عن قتادة أنه قال عنها: مدنية إلا آية منها نزلت بعد حجة الوداع حين خرج من مكة (¬4).
وفي سورة المطففين، جاء عن جابر بن زيد أنها نزلت بين مكة والمدينة (¬5).

3 - النظر باعتبار زمان النزول:
فما كان قبل الهجرة فهو مكي وإلا فهو مدني، وقد يرى البعض أن هذا الاصطلاح لم يكن من لدن التابعين وإنما جاء بعدهم، لكن ذهب آخرون إلى أن هذا الضابط إنما عرف عن التابعين (¬6).
ويدل عليه أنهم عدّوا عدة سور من السور التي نزلت بعد الهجرة في غير المدينة
¬__________
(¬1) سورة البقرة: آية (168).
(¬2) الإتقان (1/ 23).
(¬3) فتح القدير (4/ 157).
(¬4) فتح القدير (5/ 51).
(¬5) زاد المسير (9/ 51)، تفسير القرطبي (19/ 250)، وفتح القدير (5/ 397)، ومصاعد النظر (2/ 485).
(¬6) التبيان في علوم القرآن (37).

الصفحة 1059