كتاب تفسير التابعين (اسم الجزء: 2)

أنها مدنية، ومن ذلك سور: براءة، والفتح، والمنافقون، فقد عدها الحسن وعكرمة مدنية (¬1)، ولم أعثر على ما يخالف ذلك عنهما (¬2).
وعن عبد الله بن عوف قال: ذكروا عند الشعبي قوله: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ} (¬3) فقيل: عبد الله بن سلام، فقال: كيف يكون ابن سلام، وهذه السورة مكية (¬4).
ومع ذلك فقد يكون حكمهم بأنها مدنية من باب الأغلب، وعليه فلا يمكن الجزم بأن هذا الاصطلاح درج عليه التابعون.

فوائد معرفة المكي والمدني:
لقد درج المصنفون في كتب علوم القرآن، وأصول التفسير على ذكر فائدة معرفة الناسخ والمنسوخ، فائدة مأخوذة من معرفة المكي، والمدني، وربما اقتصروا على ذلك (¬5).
وقد سبق الإشارة إلى فائدة ثانية، وهي المنهج الدعوي بمعرفة حال المخاطبين، والتدرج في دعوتهم، غير ما يمكن استنباطه من حكم التدرج في التشريع.
وقد تبين لي فائدة ثالثة من خلال المطالعة في المنقول عن التابعين في هذا الباب، ألا وهي: الترجيح بين الأقوال.
فمثلا جاء عن أبي بشر أنه قال لسعيد بن جبير، في قوله تعالى: {وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ}
¬__________
(¬1) دلائل النبوة للبيهقي (7/ 142، 143).
(¬2) زاد المسير (3/ 316).
(¬3) سورة الأحقاف: آية (10).
(¬4) المصنف لابن أبي شيبة (10/ 523) 10197.
(¬5) البرهان (1/ 187)، والإتقان (1/ 11)، والزيادة والإحسان (1/ 262) النوع الرابع عشر، تحقيق محمد صفا.

الصفحة 1060