كتاب تفسير التابعين (اسم الجزء: 2)

{الْكِتَابِ} (¬1): أهو عبد الله بن سلام، ولما كان سعيد يرى أن هذه السورة مكية (¬2)، استدل بذلك على عدم صحة هذا القول، فقال لأبي بشر: هذه السورة مكية فكيف يكون عبد الله (¬3)، وسبق نحوه عن الشعبي في آية الأحقاف قريبا.
وقد اهتم التابعون كذلك بوضع بعض القواعد التي يمكن من خلالها معرفة المكي من المدني، فمن ذلك ما جاء عن عروة قال: كل شيء نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم من القرآن فيه ذكر الأمم والقرون، وما يثبت به الرسول، فإنما نزل بمكة، وما كان من الفرائض والسنن نزل بالمدينة (¬4).
وعنه أيضا قال: إني لأعلم ما نزل من القرآن بمكة، وما نزل بالمدينة، فأما ما نزل بمكة فضرب الأمثال، وذكر القرون، وأما ما نزل بالمدينة فالفرائض، والحدود، والجهاد (¬5).
وقد تلقف العلماء هذه الضوابط والقواعد، وأعملوا النظر لاستخراج مثيلاتها.
قال الجعبري: لمعرفة المكي والمدني طريقان: سماعي وقياسي، فالسماعي: ما وصل إلينا نزوله بأحدهما، والقياسي: كل سورة فيها (يا أيها الناس) فقط، أو كلا، أو أولها حرف تهجّ سوى الزهراوين، والرعد، وفيها قصة آدم وإبليس سوى البقرة فهي مكية، وكل سورة فيها قصص الأنبياء والأمم الخالية مكية، وكل سورة فيها فريضة أو حد فهي مدنية (¬6)، اه، وقال مكي: كل سورة فيها ذكر المنافقين فمدنية، وزاد غيره
¬__________
(¬1) سورة الرعد: آية (43).
(¬2) وقع الخلاف فيها، فذهب ابن عباس، وجابر بن زيد إلى أنها مدنية، وذهب الباقون ومنهم الحسن، وابن جبير، وعطاء، وقتادة، إلى أنها مكية، ينظر زاد المسير (4/ 299).
(¬3) تفسير الطبري (16/ 505) 20555، والدر المنثور (4/ 669)، وفتح القدير (3/ 92).
(¬4) دلائل النبوة (7/ 144)، والإتقان (1/ 23)، ومصاعد النظر (1/ 161).
(¬5) المصنف لابن أبي شيبة (10/ 523) 10198.
(¬6) الإتقان (1/ 23)، والزيادة والإحسان (1/ 280)، النوع الخامس عشر تحقيق محمد صفا

الصفحة 1061