كتاب تفسير التابعين (اسم الجزء: 1)

الذي ينكره منكر وتأويل آيات الصفات، ولا هو مما يستدل به عليهم المثبتة، فإن هذا المعنى صحيح في نفسه، والآية دالة عليه، وإن كانت دالة على ثبوت صفة فذاك شيء آخر، ويبقى دلالة قولهم: {فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} على «فثم قبلة الله»، هل هو من باب تسمية القبلة وجها باعتبار أن الوجه والجهة واحد؟ أو باعتبار أن من استقبل وجه الله فقد استقبل قبلة الله؟ فهذا فيه بحوث ليس هذا موضعها (¬1) اهـ.
2 - ومما أخذ عليه تفسيره للمقام المحمود، في قوله تعالى: {عَسى َ أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً} (¬2). فقد روى ابن جرير في تفسيره من طريق ليث عن مجاهد عند قوله تعالى: {عَسى َ أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً}، قال: يجلسه معه على عرشه (¬3).
وقد اعتذر ابن جرير بعد إيراده للقول الراجح الموافق لما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم عما روي عن مجاهد عن طريق الليث بقوله: فإن ما قاله مجاهد من أن الله يقعد محمدا صلى الله عليه وسلم على عرشه قول غير مدفوع صحته لا من جهة خبر ولا نظر وذلك لأنه لا خبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا عن أحد من أصحابه، ولا عن التابعين بإحالة ذلك (¬4).
وأورد أبو بكر الخلال في كتاب السنة عددا من الأسانيد المروية من طريق الليث عن
¬__________
(¬1) مجموع الفتاوى (6/ 1715).
(¬2) سورة الإسراء: آية (79).
(¬3) تفسير الطبري (15/ 145)، وأخرجه أبو عمرو الداني في المكتفى في الوقف عن طريق الليث عن مجاهد بنحوه (363)، وأورده ابن حجر في الفتح، وعزاه إلى عبد بن حميد عن مجاهد بنحوه، الفتح (8/ 400)، والسيوطي في الدر، وعزاه إلى ابن جرير عن مجاهد به، (5/ 328)، وتفسير الماوردي (3/ 265)، وتفسير ابن عطية (10/ 336)، والبحر المحيط (6/ 72)، وتفسير القرطبي (10/ 201).
(¬4) تفسير الطبري (15/ 147)، واستحسن هذا القول ابن تيمية، ينظر مجموع الفتاوى (4/ 374).

الصفحة 107