وأما كون بعض الآيات محكما، والبعض الآخر متشابها، فهذا ليس بمعنى التشابه، أو الإحكام الذي يعم كل منهما القرآن كله، بل له معنى آخر.
وهنا وقع الاختلاف والاشتباه في المراد بالإحكام والتشابه الذي لا يعم كل آيات القرآن.
وقد اختلف العلماء حول معنى هذا الإحكام، والتشابه الخاص، وتنوعت عبارات المفسرين في ذلك تنوعا واضحا، فقيل المحكم: ما عرف المراد منه، إما بالظهور وإما بالتأويل، والمتشابه: ما استأثر الله بعلمه كقيام الساعة وخروج الدجال، والحروف المقطعة في أوائل السور (¬1).
وقيل المحكم: ما وضح معناه، والمتشابه نقيضه، وقيل: المحكم ما لا يحتمل من التأويل إلا وجها واحدا، والمتشابه ما احتمل أوجها، وقيل: المحكم ما كان معقول المعنى، والمتشابه بخلافه كأعداد الصلوات، واختصاص الصيام برمضان دون شعبان، وقيل المحكم: ما استقل بنفسه، والمتشابه ما لا يستقل بنفسه إلا برده إلى غيره، وقيل المحكم: ما تأويله تنزيله، والمتشابه: ما لا يدرك إلا بالتأويل، وقيل: المحكم: ما لم تكرر ألفاظه، ومقابله المتشابه، وقيل المحكم: الفرائض، والوعد، والوعيد.
والمتشابه: القصص، والأمثال (¬2).
وبعض هذه الأقوال مأخوذ عن السلف، وأما سائرها فمختلف، ولم يقتصر الأمر على هذا الاختلاف فحسب، بل تعداه إلى القول بأن المتشابه لا حيلة لأحد إلى
¬__________
تحقيق: إبراهيم المحمود.
(¬1) قال الشعبي في تفسير الحروف المقطعة: إنها من المتشابه نؤمن بظاهرها، ونكل العلم فيها إلى الله عز وجل، ينظر البرهان (1/ 173).
(¬2) الإتقان (2/ 3).