كتاب تفسير التابعين (اسم الجزء: 2)

معرفته، ومعرفة معانيه لأن الله يقول: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ} (¬1)، على قراءة الوقف على لفظ الجلالة، بل صاروا ينكرون على من قرأ بالوصل {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} (¬2).
قال ابن السمعاني: لم يذهب إلى القول الأول (أي الوصل) إلا شرذمة قليلة، واختاره العتبي، وقال: وقد كان يعتقد مذهب أهل السنة، لكنه سها في هذه المسألة، قال: ولا غرو فإن لكل جواد كبوة، ولكل عالم هفوة (¬3).
والقول بالوصل الذي بالغ ابن السمعاني في رده هو المروي عن ابن عباس، ومجاهد، وصححه النووي، واستظهره ابن الحاجب، فكيف يعرّض بمن قاله بأنه ليس على مذهب السنة!!، ومن هذا الاختلاف، وذلك التناقض نشأ من يقول: إن في القرآن ما لا يدرك معناه، فحجب القرآن عن هدايته للناس، وصار المتشابه لا يحل لأحد أن يفسره، أو يتكلم في معانيه، بل تعدى ذلك إلى آيات الصفات، فعطلت معانيها، وصار التأويل هو الغالب، واضطرابهم في تأويلها أعظم من اختلافهم في معنى المتشابه (¬4).
ويوضح لنا محمد رشيد رضا رحمه الله ما وجده في كتب التفسير من الاختلاف فيقول عند تفسير آية آل عمران: اعلم أنه ليس في كتب التفسير المتداولة ما يروي الغليل في هذه المسألة، وما ذكرناه آنفا هو صفوة ما قالوه، وخيره كلام الأستاذ الإمام (¬5)، وقد رأينا أن نرجع بعد كتابته إلى كلام في المتشابه والتأويل لشيخ الإسلام أحمد بن تيمية، كنا قرأنا بعضه من قبل في تفسيره لسورة الإخلاص، فرجعنا إليه، وقرأناه بإمعان،
¬__________
(¬1) سورة آل عمران: آية (7).
(¬2) سورة آل عمران: آية (7).
(¬3) الإتقان (2/ 4).
(¬4) الإتقان (2/ 4)، والزيادة والإحسان (3/ 756) النوع (96)، تحقيق إبراهيم المحمود.
(¬5) أي محمد عبده رحمه الله.

الصفحة 1074