كتاب تفسير التابعين (اسم الجزء: 2)

احتمل من التأويل أوجها.
جاء هذا عن محمد بن جعفر بن الزبير (¬1)، ونقل عن الشافعي، وأحمد (¬2)، وقال غيرهم: المحكم ما أحكم الله فيه من آي القرآن، وقصص الأمم ورسلهم الذين أرسلوا إليهم مفصلة ببيان ذلك لمحمد وأمته، والمتشابه هو ما اشتبهت الألفاظ به من قصصهم عند التكرير في السور، بقصه باتفاق الألفاظ واختلاف المعاني، وبقصّة باختلاف الألفاظ، واتفاق المعاني، وجاء هذا عن ابن زيد (¬3).
وقال آخرون: بل المحكم من آي القرآن ما عرف العلماء تأويله، وفهموا معناه وتفسيره، والمتشابه ما لم يكن لأحد إلى علمه سبيل مما استأثر الله بعلمه دون خلقه، وهو مروي عن جابر بن عبد الله بن رئاب (¬4)، ورجحه الطبري فقال: وهذا القول الذي ذكرناه عن جابر بن عبد الله أشبه بتأويل الآية، وذلك أن جميع ما أنزل الله عز وجل من آي القرآن على رسوله صلى الله عليه وسلم فإنما أنزله عليه بيانا له، ولأمته، وهدى للعالمين، وغير جائز أن يكون فيه ما لا حاجة بهم إليه، ولا أن يكون فيه ما بهم إليه الحاجة، ثم لا يكون لهم إلى علم تأويله سبيل
ثم ذكر مثالا للمتشابه، وهو عدد سنين هذه الأمة حتى الآيات، إلى أن قال: فإذا كان المتشابه هو ما وصفنا، فكل ما عداه محكم لأنه لن يخلو من أن يكون محكما بأنه بمعنى واحد لا تأويل له غير تأويل واحد، وقد استغنى بسماعه عن بيان يبينه، أو يكون محكما، وإذا كان ذا وجوه وتأويلات وتصرف في معان كثيرة، فالدلالة على المعنى المراد منه إما من بيان الله تعالى ذكره عنه، أو بيان رسوله صلى الله عليه وسلم لأمته، ولن يذهب علم ذلك من علماء الأمة لما قد بينا (¬5).
¬__________
(¬1) تفسير الطبري (6/ 177) 6587.
(¬2) تفسير المنار (3/ 193).
(¬3) تفسير الطبري (6/ 178) 6588.
(¬4) تفسير الطبري (6/ 180)، (1/ 217) 246.
(¬5) تفسير الطبري (6/ 182180)، والبرهان (2/ 73).

الصفحة 1077